هل معركة الوعى ستنهى حملات التيك توك الإنتخابية

كتب - خالد مصطفى 

تُعد المشاركة الشعبية في الانتخابات إحدى ركائز الديمقراطية وأقوى صور التعبير عن الإرادة الوطنية . وقد جاءت انتخابات مجلس الشيوخ لتؤكد هذا المعنى حيث شهدت إقبالاً وان كان ضعيفاً  ، لكنه كان متنوعاً من شرائح المجتمع خصوصاً في القرى والنجوع والمراكز التي عبّرت عن وعي سياسي متنامى لدى المواطن المصري وحرصه على دعم استقرار الدولة ومؤسساتها.

وفي كل استحقاق انتخابي يثبت الشعب المصري أنه صاحب الكلمة العليا وصاحب القرار في رسم مستقبل الوطن .

وقد جاءت انتخابات مجلس الشيوخ لتكون مرآة صادقة تعكس وعي المواطن المصري وإدراكه لأهمية المشاركة السياسية حتى وإن كانت الغرفة الثانية للتشريع ذات طابع استشاري .

فقد رأينا مشاهد مشرفة من الإقبال خاصة من الفلاحين والمرأة والشباب تعكس حجم الانتماء والرغبة في دعم الدولة بمؤسساتها المنتخبة.

ورغم أن مجلس الشيوخ لا يتمتع بنفس الصلاحيات التشريعية الكاملة كمجلس النواب فإن المشاركة فيه كانت بمثابة رسالة واضحة بأن الشارع المصري يدرك أهمية وجود غرفة تشريعية ثانية تساهم في ضبط القوانين ومراجعتها بعمق قبل إقرارها .

ما يرسخ لدولة القانون والمؤسسات ومع اقتراب انتخابات مجلس النواب يترقب الشارع السياسي المصري مشاركة شعبية أكبر وأوسع لأسباب عديدة أهمها الصلاحيات التشريعية الواسعة للنواب .

مجلس النواب هو صاحب الكلمة العليا في التشريع ومحاسبة الحكومة مما يزيد من أهمية اختيارات الناخبين ولأن انتخابات النواب تشهد منافسة أوسع وأشرس بين القوى السياسية بما يخلق حراكاً سياسياً أوسع واهتماماً شعبياً أكبر،  حيث ان الناخبون يدركون أن ممثليهم في النواب سيكون لهم دور مباشر في القوانين التي تمس حياتهم اليومية من التعليم إلى الصحة إلى الاقتصاد .

إن الرهان الأكبر سيكون على نسبة المشاركة فهي التي تعكس مدى الثقة في العملية السياسية وتحدد المسار الذي ستسلكه الدولة في المرحلة المقبلة حيث تتجه الأنظار نحو محطة سياسية أكثر زخماً وتأثيراً وهي انتخابات مجلس النواب ، والتي تمثل العمود الفقري للسلطة التشريعية والتي يراها المواطن أكثر التصاقاً بهمومه وأكثر تأثيراً في مجريات حياته اليومية وهنا تشتد المنافسة ويتصاعد الرهان .  

هل يستمر الناخب المصري في أداء دوره الوطني بنفس الحماس  ؟وهل ترتفع نسبة المشاركة لتكون رداً عملياً على كل من يشكك في شرعية العملية الديمقراطية ؟ وهل نرى برلماناً يليق بطموحات الشعب ويدافع عن قضاياه بجدية وجرأة ؟

لأن الفارق بين المحطتين ليس في الأهمية فقط بل في الرسالة أيضاً فانتخابات الشيوخ كانت عنواناً على الوعي والصبر والالتزام ،  وانتخابات النواب القادمة ستكون عنواناً على الإرادة والتغيير والمحاسبة .

لنجعل من انتخابات النواب القادمة ملحمة وطنية جديدة تؤكد أن المصريين لا ينسحبون حين تناديهم مصر وأن الديمقراطية في هذا البلد ليست ترفاً بل مسؤولية وطنية مقدسة ، لأن في لحظات الحسم لا يُطلب من الشعوب إلا أمراً واحداً وهو أن تثبت وعيها وتصون إرادتها وتصطف خلف وطنها ، وقد فعلها المصريون حين لبوا نداء الوطن في انتخابات مجلس الشيوخ وأرسلوا رسالة صافية للعالم لأن مصر لا تُدار بالضجيج بل بالقرار الشعبي ولا تُحكم بالفوضى بل بمؤسسات قوية تفرزها إرادة الجماهير لإنها ليست مجرد انتخابات إنها تجديد لعقد الولاء بين الشعب ودولته.

انتخابات الشيوخ كانت اختباراً مبكراً للوعى ، أما انتخابات النواب القادمة فهي امتحان شامل للإرادة . فالشيوخ كشف معدن الشعب والنواب ستكشف مدى استعداده لصناعة المستقبل فلماذا يجب أن نشارك ؟ 

لأن البرلمان القادم سيواجه تحديات كبرى داخلياً وخارجياً و صوتك هو درعك أمام كل من لا يريد لمصر خيراً وتذكر أننا في زمن لا مكان فيه للصامتين فإما أن تختار أو يًختار لك من لا يمثلك . 

الوطن لا يُبنى بالشعارات ولا تُصان كرامته بالحياد السلبي والورقة الانتخابية ليست مجرد اختيار بل أمانة ومسؤولية وكل صوت لا يُدلي به المواطن هو فرصة يمنحها للباطل على حساب الحق.  فلا تترك غيرك يختار مصيرك لا تكن متفرجاً حين يكون الوطن بحاجة إلى من يشارك ويصوت ويصنع الفارق فاذهب إلى لجنتك وارفع رأسك وكن كما كنت دائمًا ظهيراً لوطنك وصوتاً للحق وسنداً للدولة لأن انتخابات الشيوخ كانت البداية وانتخابات النواب ستكون المعركة الحقيقية . فهل ستنتصر معركة الوعى والانتماء والمسئولية على حملات التيك توك الإنتخابية ؟