كتب : المستشار جابر حيدر - مرشح
طلبا للراحة المؤقتة من مشاهد موسم الكذب وبعيدا عن النفاق الاجتماعي والمشاهد المصطنعة وربطات العنق الأنيقة، ذهبنا الى هؤلاء الطيبين وافترشنا الحصير في الخلاء تحت جنح الظلام الذي يبدده بعض الشيء قليل من المصابيح الحزينة، لنقضي سهرة صادقة مع من ينقصهم أشياء كثيرة ومع ذلك فهم أكرم الناس...........
عزبة عثمان وما حولها هي آخر قطعة في مركز ايتاي البارود من ناحية الدلنجات ...لا يوجد لديها من المرافق سوى كهرباء ضعيفة والمياه لم تأتيهم منذ عامين ...بعيدون عن أي خدمة صحية عاجلة ...وطنيون يحبون بلدهم مثلنا جميعا ....آخر مرة زارهم مرشح أو نائب كانت منذ حوالي ٢٠ عاما...أخجلوني بمطالبهم البسيطة وهي انشاء مخبز يوفر لهم الخبز شأن جميع الدنيا لأن أقرب مخبز لهم يحتاج الى توكتوك ب ٢٥ جنيها لكي يشتري أحدهم خبزا بخمس جنيهات ....
عن مثل هؤلاء لابد أن نبحث ولابد أن نربط على القلوب ونقول نحن معكم............
الفرق بين حياتهم الآن وبين حياتهم قبل ٦٠ عاما هي وجود هذه الكهرباء التي تظهر على استحياء من خلال بعض المصابيح الحزينة ..
وقد حكوا لنا أن هذه الكهرباء قد جاءت على نفقتهم الخاصة في يوم من الأيام الخالدة في حياة العزبة ..ففي ذلك اليوم وبعد أن تم تركيب كل شيء واستعد الجميع لساعة الصفر التي يتم فيها الضغط على زر المحول ليزغرد التيار في الأسلاك وتنطلق زغاريد النساء ...
قد اختار المسئولون في شركة الكهرباء أن تكون لحظة انطلاق الكهرباء وتبديد الظلام لأول مرة في وقت ما بين المغرب والعشاء وعلى أن يقوم أحد النواب التاريخيين بمحافظة البحيرة انذاك بالضغط على الزر ليبدد الظلام ولتبدأ حياة جديدة في عزبة هؤلاء الطيبين...
كانت لحظة مثل لحظة فتح الهويس في فيلم شيء من الخوف لمحمود مرسي وشادية... كانت هذه هي فرحتهم الأولى ولم يأت بعدها سوى فرحة دخول مياه الشرب التي لم تدوم حيث قطعت قبل عامين ولم تعد حتى الآن...
جابر حيدر
رئيس المكتب الإعلامي السابق لجمهورية مصر العربية بالسفارة المصرية بالمملكة المتحدة.
مرشح مجلس النواب ٢٠٢٥ إيتاي البارود شبراخيت.