الجريدة العربية الاولى عند التأسيس ناطقة باللغة العربية والانجليزية والفرنسية ..مقرها لندن والقاهرة وقريبا فى دول الخليج و المغرب العربى

رئيس التحرير
محمد العطيفي
الشرق تريبيون
مستقلة. سياسية. دولية
الصوت العربي الى العالم
عاجل
الاعمدة والكتاب

العالم الجديد: كيف يعيد ترامب تشكيل النظام العالمي ويعيد ترتيب الشرق الأوسط

العالم الجديد: كيف يعيد ترامب تشكيل النظام العالمي ويعيد ترتيب الشرق الأوسط

بقلم : حامد الشريفى 

ملامح نظام عالمي جديد وتفكك الموروثات القديمة

مقدمة: نهاية عصر وبداية آخر

نحن اليوم على مشارف تحولات عميقة في شكل العالم السياسي والاقتصادي. نظام عالمي جديد يتبلور أمام أعيننا، يتجاوز التحالفات التقليدية التي حكمت العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. هذا النظام لا يقوم على شعارات أيديولوجية أو تحالفات أبدية، بل على تحالفات مصلحية مؤقتة، قد تدوم وقد تنتهي، لكنها مرهونة فقط بما تفرضه ضرورات الاقتصاد، القوة، والواقعية السياسية

نقطة التحول بدأت، بلا شك، مع صعود ما يمكن أن نسميه “النظام الأمريكي الجديد” الذي يمثله الرئيس ترامب، أو الحالة الترامبية بشكل أدق. هذه الترامبية ليست مجرد ظاهرة انتخابية، بل فلسفة سياسية قائمة على إعادة ترتيب أولويات أمريكا من الداخل، والتخلي عن إرهاقها الخارجي لمصلحة الشعب الأمريكي أولًا.

تفكك الموروث الأوروبي ونهاية الحرب الباردة

لثمانين عامًا، التزمت أمريكا بحماية أوروبا، بدءًا من الحرب العالمية الثانية التي كان تدخل أمريكا فيها حاسمًا لإنقاذ أوروبا من النازية. ثم جاء الناتو، الذي شكل عبئًا ماليًا ضخمًا على الميزانية الأمريكية، فقط لحماية أوروبا من خطر المد الشيوعي.

لكن هذا الخطر انتهى. الاتحاد السوفيتي تفكك، والحزب الشيوعي مات سياسيًا. ومع ذلك، استمرت أمريكا في ضخ الأموال لتحمي أوروبا، بينما الأخيرة تماطل وتبتز وتدفع الفتات. اليوم، مع صعود الترامبية، أمريكا ليست مضطرة بعد الآن لتحمل هذا العبء. ترامب، أو من سيأتي على نهجه، سيعلن نهاية هذه الحقبة. وسيبدأ فصل جديد تُترك فيه أوروبا لتواجه واقعها الاقتصادي والسياسي وحدها

بريطانيا: من التبعية الأوروبية إلى الذوبان في أمريكا الترامبية

علينا أن نفصل بين بريطانيا وأوروبا. بريطانيا تاريخيًا كانت الحليف الأقرب لأمريكا، لكنها خُدعت في الاتحاد الأوروبي وخسرت كثيرًا. الحربان العالميتان خير شاهد على أن أوروبا جرتها دائمًا إلى المآسي. اليوم، بريطانيا أمام خيار مصيري: أن تذوب تمامًا في المشروع الترامبي، وتتبنى رؤيته، دون أن تعانده أو تحاول الانحراف عنه.

وهذا ليس استسلامًا بل مصلحة وطنية خالصة، فبريطانيا تحتاج ظهرًا قويًا مثل أمريكا الجديدة، لا أوروبا الضعيفة المتفككة

تفكك الاتحاد الأوروبي وسقوط الناتو

الاتحاد الأوروبي كيان مصطنع لا يصمد أمام الأزمات. الدول الكبرى كألمانيا وفرنسا لا تريد الاستمرار في دفع ثمن إنقاذ دول فقيرة ومتعثرة. مصالحهم متضاربة أكثر مما هي موحدة. وبالتالي، من الطبيعي أن نرى تفكك الاتحاد تدريجيًا، كل دولة ستبحث عن تحالف خاص بها مع القوى الكبرى الثلاث: أمريكا، روسيا، الصين.

ومع هذا التفكك، سيسقط الناتو تلقائيًا. لم تعد هناك حاجة لصرف المليارات على تحالف عسكري لا عدو له ولا سبب لوجوده. العالم سيتحول إلى تحالفات ثنائية أو ثلاثية حسب الحاجة، دون إطار جماعي مرهق

الترويكا العالمية: أمريكا، روسيا، الصين

ملامح النظام الجديد واضحة

ملامح النظام الجديد واضحة: روسيا والصين شريكان مهمان، لن يصطدم بهما ترامب بل سيعيد صياغة العلاقة معهما على أساس مصلحة 

 1-أمريكا الترامبية هي القطب الأقوى، تدير اللعبة. 

2-  روسيا والصين شريكان مهمان، لن يصطدم بهما ترامب بل سيعيد صياغة العلاقة معهما على أساس مصلحة مشتركة

3-  الدول الأخرى، من أوروبا إلى آسيا إلى العالم الثالث، لا تملك خيارًا إلا الالتحاق بهذا الثلاثي، كل بحسب موقعه ومصلحته

الدول الإقليمية الكبرى: تركيا، السعودية، الهند

هذه الدول لا تملك رفاهية الحياد أو المعارضة. مصالحها الاقتصادية والوجودية تفرض عليها الانخراط في الترويكا العالمية، إما عبر تحالفات رسمية أو ضمنية، لكنها بالتأكيد لن تستطيع تشكيل قطب مستقل بعيدًا عن هذا النظام إيران: استثناء النظام الجديد إيران، بنظامها الحالي، لا يمكن أن تجد مكانًا في هذا النظام. طريقها الشاذ، القائم على الأدلجة والتوسع الفوضوي، لن يتماشى مع منطق العالم الجديد.

لكن سقوط هذا النظام الإيراني لن يكون عبر غزو أو تدخل عسكري، بل عبر ضغط اقتصادي، ضربات أمنية دقيقة، وربما ثورة شعبية تطيح به، لتلتحق إيران الجديدة بالنظام العالمي مثل بقية الدول . إسرائيل: قوة استقرار لا هيمنة على عكس ما يشيعه البعض، إسرائيل لا تسعى لاحتلال الأراضي أو التوسع الجغرافي. إسرائيل تسعى فقط لأمنها واستقرارها، ولضمان مستقبل أجيالها من خلال تحالفات وتبادل تجاري وتكنولوجي

تحالف إسرائيل مع أمريكا حتمي، لكن علاقتها مع روسيا والصين أيضاً قوية ومرنة. وفي النظام الجديد، إسرائيل ستكون قوة استقرار وضبط في المنطقة، تسهّل اندماج الدول العربية في النظام الجديد عبر مشاريع تنموية مشتركة .

العالم العربي: من التبعية الأيديولوجية إلى الواقعية الاقتصادية

الدول العربية، وبالذات الكبرى منها مثل مصر، لا خيار أمامها إلا الانخراط الكامل في النظام الجديد. اليوم تعاني من أزمات اقتصادية، غذائية، وسكانية، لن تجدي شعارات قديمة ولا مناوشات إقليمية نفعًا . حتى الدول الأصغر، أو دول العالم الثالث، ستسير على نفس الطريق. لن يكون هناك مجال لتغريد خارج السرب ..

. مستقبل الصراعات والحروب: نهاية زمن الحروب الكلاسيكية

تفكك الناتو، وانحسار النزعة التوسعية، سيؤدي إلى انعدام الحاجة إلى الحروب المباشرة. الدول الكبرى ستنشغل بإعادة بناء اقتصادها، وتضميد جراحها، وضبط الداخل

الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا، الاقتصاد الرقمي، هذه أدوات النظام الجديد، لا المدافع ولا الجيوش التقليدية .

خاتمة: معالم عصر جديد

العالم يسير باتجاه نظام عالمي مضبوط بثلاث قوى عظمى، وأمام بقية الدول خيار واحد: الاندماج الكامل دون شروط. التحالفات مؤقتة، المصالح فوق الأيديولوجيا، والشعوب تبحث عن من يشبعها لا من يقودها للحروب

من يفهم هذه الحقيقة مبكرًا، سيكون له مكان في هذا العالم الجديد ..

 

 

 

 

 

 

إضافة تعليق

لن يتم نشر البريد الإلكتروني

ذات صلة

الشرق تريبيون
عادة ما يتم الرد خلال 5 دقائق
الشرق تريبيون
أهلا وسَهلًا 👋

كيف يمكننا تقديم المساعدة؟
بدء المحادثة