بقلم : حامد الشريفى
تحول جذري في المملكة بعد عقود من الأيديولوجيا الصارمة
لطالما عُرفت المملكة العربية السعودية، منذ عقود، بنظامها الديني القائم على التفسير الوهابي الصارم للإسلام، والذي أثر في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية للمملكة. كان الخطاب الديني التقليدي يتسم بتوجه متشدد تجاه المذاهب الأخرى، بما في ذلك الشيعة في المنطقة الشرقية، الذين واجهوا تحديات تتعلق بممارسة طقوسهم الدينية وبعض حقوقهم المدنية.
لكن منذ صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، شهدت السعودية تحولًا جذريًا غير مسبوق في سياساتها الداخلية، حيث اتجهت نحو الانفتاح والتسامح الديني والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى، مما غيّر المشهد العام بشكل لم يكن متصورًا قبل سنوات قليلة.
المنطقة الشرقية: من التهميش إلى الازدهار
تاريخيًا، كانت المنطقة الشرقية، حيث يتركز معظم الشيعة السعوديين، تعاني من بعض التحديات الاقتصادية والتنموية، إلى جانب القيود الدينية الصارمة التي فرضها النظام الوهابي لعقود. ومع مجيء محمد بن سلمان، تغيرت هذه المعادلة بشكل جذري
اليوم، تشهد مدن المنطقة الشرقية نهضة عمرانية وتنموية ضخمة، حيث تم ضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية، التعليم، الصحة، والقطاع النفطي، مما انعكس على مستوى المعيشة لسكانها، بمن فيهم الغالبية الشيعية
التحولات لم تكن فقط اقتصادية، بل شملت الجانب الاجتماعي والديني أيضًا. فقد أصبح هناك مزيد من الحريات الدينية والثقافية مقارنة بالماضي، وأصبح الشيعة يتمتعون بفرص أكبر في مجالات العمل والإدارة، وباتوا أكثر اندماجًا في النسيج الوطني السعودي
من الولاء الخارجي إلى الوطنية السعودية
كانت الهوية الشيعية في المنطقة الشرقية مرتبطة، لدى بعض الأفراد، بولاءات خارجية تجاه إيران وزعمائها، مثل الخامنئي وحسن نصر الله، الذين استغلوا التهميش الذي كان يشعر به الشيعة في الماضي. لكن مع التحولات الأخيرة، تغيرت هذه العقلية بشكل كبير
أصبح الكثير من الشيعة في السعودية اليوم يرون في محمد بن سلمان قائدًا أحدث نهضة حقيقية انعكست إيجابيًا على حياتهم. ونتيجة لذلك، لم يعد هناك ذلك الحنين أو التعلق بالزعامات الخارجية، بل أصبح الولاء للمملكة العربية السعودية وقيادتها، بعدما شعر المواطنون الشيعة بأنهم جزء أساسي ومؤثر في البلاد، دون تمييز أو تهميش.
لماذا تغيّرت نظرة الشيعة في السعودية؟
هناك عدة أسباب دفعت الشيعة السعوديين إلى تغيير نظرتهم تجاه النظام الجديد:
1-تحسن مستوى المعيشة: فرص عمل جديدة، رواتب مرتفعة، وتطور المدن والبنية التحتية.
2-زيادة الحريات الاجتماعية: تراجع القيود الدينية الصارمة، والانفتاح على التعددية الثقافية.
3-نهضة اقتصادية: ازدهار في القطاعات النفطية وغير النفطية، ما جعل الجميع يستفيد من التنمية.
4-السياسات الوطنية الجديدة: أصبح الخطاب الرسمي يركز على الوطنية والهوية السعودية، وليس على الانقسامات المذهبية.
5-فشل المشاريع الإيرانية في المنطقة: ما حدث في العراق، سوريا، لبنان، اليمن جعل الكثيرين يدركون أن الرهان على إيران كان خطأً كارثيًا.
السعودية الجديدة: لا مكان للطائفية
السعودية اليوم ليست كما كانت قبل عشرين أو ثلاثين عامًا. لم تعد الطائفية تهيمن على المشهد، ولم يعد هناك تصنيف للمواطنين بناءً على مذهبهم، بل أصبحت المملكة دولة حديثة تتجه نحو مستقبل أكثر إشراقًا، حيث تكون المواطنة والانتماء الوطني فوق أي انتماءات مذهبية أو دينية.
السعودية اليوم ليست كما كانت قبل عشرين أو ثلاثين عامًا. لم تعد الطائفية تهيمن على المشهد، ولم يعد هناك تصنيف للمواطنين بناءً على مذهبهم، بل أصبحت المملكة دولة حديثة تتجه نحو مستقبل أكثر إشراقًا، حيث تكون المواطنة والانتماء الوطني فوق أي انتماءات مذهبية أو دينية.