الشرق تريبيون-اخبار
أجبر الشعب الأوكراني الرئيس فولوديمير زيلينسكي، على التراجع عن خطوات مثيرة للجدل تستهدف السيطرة على وكالات مكافحة الفساد المستقلة، في تطور يمثل نقطة تحول مهمة تُظهر حدود سلطة الرئيس الأوكراني وقوة المجتمع المدني.
أزمة سياسية وسط القصف
شهدت أوكرانيا منذ أواخر يوليو الماضي أخطر اضطراب سياسي داخلي منذ انتخاب زيلينسكي رئيسًا عام 2019، وفقًا لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وسط تصاعد موجة من الهجمات الروسية بالطائرات المُسيرة والصواريخ على الأهداف المدنية في كييف وأوديسا والمدن الكبرى الأخرى، ظهرت حركة احتجاجية يقودها الشباب الأوكراني لمعارضة خطوات زيلينسكي للسيطرة على وكالات مكافحة الفساد المستقلة سابقًا.
في 31 يوليو، استجاب البرلمان الأوكراني لضغط الشارع، وأقر قانونًا يلغي تشريعًا مُرر بسرعة عبر المجلس ووقعه زيلينسكي في الأسبوع السابق فقط.
هذا القانون الملغى كان قد ألغى استقلالية المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) ومكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد بوضعهما تحت التوجيه الحكومي المباشر.
حملة أمنية منسقة
واعتبرت الصحيفة الأمريكية، القانون المثير للجدل بمثابة نذير شؤم لأن إقراره تزامن مع إجراءات منسقة من جهاز الأمن الأوكراني والمدعي العام، شملت أكثر من 20 عملية تفتيش ضد وكلاء المكتب الوطني لمكافحة الفساد في جميع أنحاء البلاد، بحثا حول مخالفات مزعومة تتعلق بأسرار الدولة، واتهامات بتعاون أحد الوكلاء مع روسيا، وهي تهمة يعتبرها كثير من الأوكرانيين ذات دوافع سياسية.
منحت عمليات التفتيش جهاز الأمن المخلص لزيلينسكي والمدعي العام المعين حديثًا إمكانية الوصول إلى هواتف وكلاء المكتب الذكية وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، والتي تحتوي على الأرجح على معلومات مهمة حول تحقيقات الفساد الجارية، بما في ذلك تلك التي تركز على عدة من وزراء مجلس الوزراء ومستشاري زيلينسكي.
بالنسبة لكثير من الأوكرانيين، كانت الحملات التفتيشية والتشريعات دليلًا على انحراف استبدادي من قبل زيلينسكي ومستشاريه الأقربين، فعلى مدى العام ونصف العام الماضيين، جمدت إدارة زيلينسكي أصول منافسه السياسي وسلفه كرئيس، بيترو بوروشينكو، بحجة "الأمن القومي"؛ وركزت السيطرة على محتوى الأخبار التلفزيونية لإبقاء منتقدي الحكومة بعيدًا عن الموجات الهوائية؛ وحظرت بث جميع إجراءات البرلمان؛ وفتحت قضايا جنائية تافهة ضد منتقدي الحكومة وناشطي مكافحة الفساد.
تراجع شعبية زيلينسكي
أظهرت الأحداث الأخيرة نقطة تحول في المشاعر داخليًا وخارجيًا مع تداعيات كبيرة على مستقبل زيلينسكي وأوكرانيا، إذ إن الاحتجاجات إشارة محتملة إلى بداية نهاية عهد زيلينسكي، حسب "فورين بوليسي"، فعلى الرغم من دعم الأوكرانيين القوي لزيلينسكي كقائد لهم في زمن الحرب، كانت الثقة العامة به تتضاءل قبل الأسبوع الماضي بوقت طويل، وكذلك آفاقه السياسية.
وفقًا لاستطلاع أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع في يونيو، اعتقد 41% من المستجيبين أن أوكرانيا تتجه نحو الاستبداد.
ومن المرجح تسريع هذه الاتجاهات بسبب الاستياء الشعبي الواسع من إجراءات زيلينسكي الأخيرة.
كما أظهر استطلاع أجرته شركة "سوسيس" في يونيو أنه إذا أُجريت انتخابات رئاسية الآن، فإن القائد السابق للقوات المسلحة الأوكرانية، فاليري زالوجني، سيسحق زيلينسكي بنسبة 60.5% مقابل 39.5%. ويعتقد كثير من الأوكرانيين أن زيلينسكي أقال زالوجني العام الماضي تحديدًا بسبب شعبيته المتنامية