الشرق تريبيون-اخبار
أضاف قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن احتلال قطاع غزة شتاتًا جديدًا لما يعانيه المستويان السياسي والعسكري في تل أبيب أصلًا على مدى عامين تقريبًا، فالقرار الذي لم يلقَ قبولًا في الداخل أو الخارج، عمَّق الفجوة الموجودة بين قيادتي الحكومة والجيش، بل وأوجد عمقًا أكبر في الخلاف بين مستويات المؤسسة العسكرية نفسها.
وبحسب صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، فإن أسبوعًا عصيبًا من التسريبات والاتهامات العلنية كشف عن الخلاف بين الزعماء السياسيين في إسرائيل وقيادتها العسكرية العليا.
وفي هذا الصدد، رأى ياجيل ليفي، رئيس معهد دراسة العلاقات المدنية العسكرية في الجامعة المفتوحة في إسرائيل، أن "هذه الأزمة تعتبر الأشدّ خطورة في تاريخ العلاقات بين القيادة السياسية والجيش منذ عام 1948، إذ لم يسبق للقيادة السياسية أن أجبرت الجيش على تنفيذ عملية عارضها بشدة".
بدأ الخلاف حول اجتياح غزة خلال الأيام السبعة التي سبقت الاجتماع المحوري لمجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي الذي شهد الموافقة على خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في هذا الصدد، وتحديدًا عندما أعرب رئيس الأركان الفريق إيال زامير عن شكوكه بشأن مدى مأمونية وجدوى التحرك لاحتلال قطاع غزة بالكامل، محذرًا من أن الاستيلاء عليه من شأنه أن يدفع إسرائيل إلى ما وصفه بـ"ثقب أسود" من التمرد المطول والمسؤولية الإنسانية، فضلًا عن زيادة المخاطر المحيطة بالمحتجزين.
معارضة زامير أثارت عاصفة سياسية في إسرائيل، إذ اتُهم رئيس أركان الجيش بالتمرد، فيما مارس وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن جفير، مزيدًا من الضغط عليه، بمطالبته بإعلان التزامه التام بتعليمات القيادة السياسية، حتى لو كان القرار احتلال غزة.
ولم تقف حالة الانقسام عند المستوى السياسي، إذ أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت، وهي إحدى أكبر الصحف في إسرائيل، إلى وجود انقسامات واضحة في صفوف الجيش، شملت المستويات العليا فيه.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن السخط ينتشر أيضًا بين صفوف جنود الجيش الإسرائيلي، إذ يرفض عدد متزايد منهم العودة إلى غزة، متذرعين بالخسائر الفادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين خلال الهجوم العسكري.
وفي يونيو الماضي، وعبر رسالة موجهة إلى نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، قالت مجموعة مكونة من 41 ضابطًا وجنديًا احتياطيًا، إن الحكومة تشن "حربًا أبدية غير ضرورية" في غزة، وأعلنت أنها لن تشارك بعد الآن في العمليات القتالية بالقطاع.
تحذيرات الخبراء بشأن الأوضاع الحالية في إسرائيل ركزت بشكل رئيسي على انعكاس تلك الانقسامات على الشارع، إذ يحذر المحللون من أن الصدام بين القيادة العسكرية والحكومة قد تكون له عواقب لا يمكن إصلاحها على الدعم الشعبي للإدارة الإسرائيلية.
ويرى "ليفي" أن النزاع بين قيادة الجيش والحكومة "قد يؤدي إلى تكثيف الاحتجاجات العامة، التي تغذيها المخاوف على المحتجزين".
التأثير الأبرز، من وجهة نظر "ليفي"، يكمن في فقدان حكومة نتنياهو ما يصفه بـ"شرعية مواصلة الحرب"، والتي كان يوفرها الجيش بموافقته على العملية العسكرية.
وأكد استطلاع رأي أجرته هيئة البث الإسرائيلية أن 28% من الإسرائيليين يؤيدون توسيع القتال واحتلال مدينة غزة، و54% يؤيدون إنهاء الحرب وانسحاب الجيش من القطاع.
وحسب الاستطلاع، يعتقد 60% أن نتنياهو لا يدير الحرب بشكل جيد، كما يرى 25% أن استمرار الحرب هو للحسم مع حماس، و19% يرون أنها لإعادة المحتجزين.