لندن - الشرق تريبيون - محمد العطيفى
أظهرت بيانات رسمية، يوم الثلاثاء، أن سوق العمل البريطانية فقدت بعض زخمها، مما قد يخفّف من المخاوف لدى «بنك إنجلترا» بشأن استمرار ضغوط التضخم. وأوضحت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني أن عدد العاملين في الشركات انخفض للشهر السابع على التوالي، مع تباطؤ تدريجي في نمو الأجور، لكن هناك مؤشرات على استعداد بعض أصحاب العمل لمزيد من التوظيف، وفق «رويترز».
ومن المتوقع أن يبقي «بنك إنجلترا» أسعار الفائدة دون تغيير هذا الأسبوع، بعد خفضها في أغسطس (آب)، مع استمرار قلق صانعي السياسات بشأن ارتفاع التضخم في سوق العمل.
وأظهرت البيانات انخفاضاً مؤقتاً في عدد الموظفين المسجلين في كشوف المرتبات بمقدار 8 آلاف موظف في أغسطس، في حين تم تعديل انخفاض يوليو (تموز) إلى 6 آلاف موظف بدلاً من الرقم السابق 8 آلاف.
ويُلقي العديد من أصحاب العمل باللوم على زيادة الضرائب التي فرضتها وزيرة المالية، راشيل ريفز، في موقفهم الحذر تجاه التوظيف، مع قلقهم من تأثير أي زيادات ضريبية محتملة في الموازنة المقررة نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في شركة «كيه بي إم جي يو كيه»، يائيل سيلفين: «قد تختار بعض الشركات تأجيل قرارات التوظيف حتى تتضح الرؤية بشأن التغييرات الضريبية المحتملة».
وتباطأ نمو الأجور الأساسية في القطاع الخاص -الذي يتابعه «بنك إنجلترا» من كثب- إلى 4.7 في المائة بين مايو (أيار) ويوليو، مقارنة بـ4.8 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة حتى يونيو (حزيران).
وارتفع متوسط الدخل الأسبوعي الإجمالي باستثناء المكافآت بنسبة 4.8 في المائة، وهو أضعف من القراءة السابقة البالغة 5 في المائة، لكنه لا يزال أعلى من نحو 3 في المائة الذي يُنظر إليه على أنه متوافق مع هدف التضخم للبنك البالغ 2 في المائة.
وقالت خبيرة الاقتصاد البريطاني في «كابيتال إيكونوميكس»، آشلي ويب: «لن يُخفف إصدار بيانات اليوم من مخاوف (بنك إنجلترا) بشأن المخاطر الصاعدة للتضخم». وأضافت أن المستثمرين لا يتوقعون أي خفض إضافي لأسعار الفائدة خلال الأشهر الستة المقبلة.
وأظهرت البيانات أيضاً بعض مؤشرات تحسن الطلب على التوظيف، حيث ارتفع عدد الوظائف الشاغرة في الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس إلى 728 ألف وظيفة، بعد أن سجل أدنى مستوى منذ أوائل 2021 في التقرير السابق.
وأشار كبير الاقتصاديين في «دويتشه بنك» بالمملكة المتحدة، سانجاي راجا، إلى أن موجة تخفيضات التوظيف التي شهدتها الشركات ربما تكون قد اكتملت، رغم أن حالة عدم اليقين بشأن الموازنة ستؤثر على التوظيف، وأن تسويات الرواتب ستتراجع تدريجياً خلال بقية العام. وأضاف: «من المفترض أن تشعر السوق ببعض الارتياح، إذ قد يكون الطريق أمامنا أقل وعورة مما تشير إليه بعض بيانات المسوحات».
واستقر معدل البطالة في بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يوليو عند 4.7 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ الربع الثاني من 2021، رغم أن هذا الرقم يستند إلى مسح للأسر، وصفه مكتب الإحصاءات الوطنية بأنه غير موثوق حالياً.
وأظهرت المسوحات المنشورة، خلال الأسبوع الماضي، أن أصحاب العمل قدموا أقل تسويات رواتب منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف في يوليو، واستمر التوظيف في التباطؤ، وإن كان بوتيرة أقل من الأشهر السابقة.
تراجع تضخم أسعار البقالة
وفي مؤشر آخر للتضخم، تراجع تضخم أسعار البقالة في المملكة المتحدة إلى 4.9 في المائة خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 7 سبتمبر (أيلول)، حسب بيانات «وورلد بانيل» من «نوميريتور» الصادرة يوم الثلاثاء، مخففاً قليلاً من الضغط على المستهلكين، بعد أن كان 5 في المائة خلال الشهر السابق.
وأوضحت «وورلد بانيل» أن الأسعار ارتفعت بأسرع وتيرة في أسواق الشوكولاته واللحوم الطازجة والزبدة، في حين انخفضت بشكل أسرع في أسواق الورق المنزلي والحلويات السكرية وأطعمة الكلاب.
وأكدت شركات بيع المواد الغذائية أن ارتفاع ضرائب أصحاب العمل والتكاليف التنظيمية، إلى جانب زيادة أجور الموظفين، يفاقم الضغوط التضخمية على أسعار السلع. ويتوقع اتحاد التجزئة البريطاني وصول تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 6 في المائة بحلول نهاية العام، ما يزيد الضغط على ميزانيات الأسر قبل عيد الميلاد، في حين يتوقع «بنك إنجلترا» أن يبلغ المعدل 5.5 في المائة قبل عيد الميلاد، على أن يتراجع لاحقاً مع تلاشي عوامل البيع بالجملة العالمية.
وحسب البيانات الرسمية، بلغ معدل التضخم الإجمالي في المملكة المتحدة 3.8 في المائة خلال يوليو، وهو الأعلى بين اقتصادات مجموعة السبع، على أن تُنشر بيانات أغسطس يوم الأربعاء.