للشرق تريبيون - كتبت أماني يحيى الرشدان – قسم الإعلام الرقمي / جامعة العقبة للتكنولوجيا
طالما شكلت المصانع الأعمدة الرئيسية في الإقتصاديات الحديثة، حيث تسهم بشكل كبير في إنتاج السلع والخدمات التي يعتمد عليها العالم اليوم في كافة المجالات ؛ والأردن ليس إستثناءً.
ومع ذلك، فإن العمليات الصناعية بأشكالها العديدة، تترك وراءها آثارًا بيئية سلبية، لا تخفى عن العين المجردة، بالأخص في المناطق الساحلية، ومنها مدينة العقبة في الأردن.
مدينة العقبة هى المدينة الساحلية الوحيدة في الأردن - إلى جانب كونها وجهةً سياحيةً عالمية - تلعب دورًا حيويًا كمركز صناعي وتجاري، ضريبتها انبعاثات المصانع الغازية، التي أصبحت مصدرًا متزايدًا للقلق البيئي.
حيث تعتبر انبعاثات المصانع من بين أكبر مصادر تلوث الهواء في المنطقة. تحتوي هذه الانبعاثات على غازات ومواد ضارة تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان والكائنات الحية من حوله، فضلاً عن دورها في تغير المناخ. وتضم العقبة العديد من الصناعات المختلفة، مثل الصناعات الكيماوية، وصناعات الأغذية، والنسيج، بالإضافة إلى الصناعات اللوجستية، مما يزيد من حجم التلوث الناتج عن هذه الأنشطة الصناعية الحيوية الهامة.
الآثار البيئية لانبعاثات المصانع في العقبة كبيرة ومتنوعه وتسهم في عدد من الظواهر السلبية مثل ارتفاع درجات الحرارة المحلية، وتغير أنماط الرياح، وتدهور الحياة البحرية، بحيث تؤثر هذه التغيرات البيئية بشكل غير مباشر على القطاعات الاقتصادية والسياحية التي تعتمد بشكل كبير على بيئة صحية، كما أن تأثيرها يمتد إلى المجتمع المحلي، حيث تهدد نوعية الحياة والصحة العامة.
تختلف درجة سمية دخان المصانع حسب نوع المواد والغازات المنبعثة من كل مصنع على حده ، وهو ما يتطلب حلولًا مرنة تعتمد على فحص دقيق للأنماط الصناعية المختلفة. في هذا السياق، تدعو سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة إلى تعزيز استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، الذي يعد المصدر الرئيسي لتلوث الهواء .
طريق استخدام تقنيات حديثة مثل احتجاز الكربون، يمكن تحويل هذه الغازات إلى طاقة مفيدة، مما يقلل من الأثر البيئي السلبي ويعزز الاستدامة الاقتصادية . من بين الحلول المستدامة التي يمكن تبنيها، يُعتبر تحويل الغازات المنبعثة من المصانع إلى طاقة يعتبر خطوة مبتكرة تسهم في الحد من التلوث البيئي .
هذه الآلية الإبتكارية ليست فقط حلاً بيئيًا، بل تمثل أيضًا فرصة اقتصادية ثمينة فى تفعيلها و استغلالها . بالأضافة الى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الذى بدوره سيخلق بدوره بيئة أكثر استدامة ونظافة، ويتيح تخفيض التكاليف المتعلقة بالطاقة وتوفير فرص عمل في القطاع الأخضر.
كما أن هذا التحول سيضع الأردن في موقع ريادي في مجال الاستدامة البيئية، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية في مكافحة تغير المناخ . الدفع باتجاه سياسات حكومية لتحقيق التزامات الأردن البيئية الدولية، يضعه على الخريطة البيئية العالمية، وهذا بدوره يعكس ضرورة دمج المسؤولية البيئية في الخطط التنموية للبلاد، بحيث لا يكون النمو الصناعي على حساب صحة البيئة.
هذا التوجه سيؤكد ويعزز العلاقة بين جودة البيئة والصحة العامة والتنمية المستدامة . إن معالجة قضية التلوث الصناعي في العقبة ليست مسؤولية بيئية فحسب، بل هي أيضًا مسؤولية صحية واقتصادية تتعلق بمستقبل المجتمعات المحلية وصحتها العامة.
من خلال الشراكات الاستراتيجية والسياسات المستدامة، يمكن للعقبة أن تصبح نموذجًا يحتذى به في التوازن بين التنمية الصناعية والحفاظ على البيئة. ومن خلال هذه الجهود، يمكن للعقبة والأردن بشكل عام أن يحافظان على مستقبلهم مع المساهمة في استدامة بيئية عالمية.