الشرق تريبيون- اخبار
تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مباشرة لإخماد أزمة دبلوماسية بين الصين واليابان حول تايوان، إذ طلب من رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي خفض حدة تصريحاتها بشأن الجزيرة المتنازع عليها، وذلك في أعقاب اتصال هاتفي حاد مع نظيره الصيني شي جين بينج.
كشفت مصادر مطلعة، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، عن أن الزعيم الصيني خصص نصف ساعة كاملة من مكالمته الهاتفية مع ترامب للحديث عن تايوان، معبرًا عن غضبه الشديد من تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية.
وركَّز "شي" على تأكيد المطالبة التاريخية للصين بالجزيرة، كما شدد على المسؤولية المشتركة بين واشنطن وبكين في إدارة النظام العالمي.
وبحسب البيان الصيني الرسمي للمكالمة، أكد "شي" أن "عودة تايوان إلى الصين مكون أساسي من النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية"، في إشارة ضمنية لليابان كطرف خاسر في الحرب العالمية الثانية.
في اليوم نفسه وبعد ساعات قليلة من انتهاء مكالمته مع الرئيس الصيني، أجرى ترامب اتصالاً مع تاكايتشي نصحها فيه بضبط لهجتها تجاه بكين.
وأكدت مصادر يابانية ومصدر أمريكي للصحيفة أن النصيحة الأمريكية جاءت بأسلوب دبلوماسي لطيف، دون ضغوط مباشرة لسحب تصريحاتها، إلا أن الرسالة كانت واضحة ومقلقة لطوكيو.
عاصفة دبلوماسية
الأزمة انفجرت عندما حذرت تاكايتشي في السابع من نوفمبر أمام المشرعين اليابانيين من أن بلادها قد تنشر قواتها العسكرية مع دول أخرى إذا شنَّت الصين هجومًا على تايوان.
هذه التصريحات، رغم أنها تعكس موقفًا سياسيًا يابانيًا طويل الأمد، إلا أنها كانت غير مسبوقة في صراحتها من رئيس وزراء ياباني في منصبه، ما أثار ردَّ فعل صينيًا عنيفًا تضمن إجراءات عقابية اقتصادية ودبلوماسية ضد طوكيو، بل وصل الأمر إلى حد نشر دبلوماسي صيني تهديدًا صريحًا على وسائل التواصل الاجتماعي بقطع رقبة رئيسة الوزراء اليابانية.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع، أشارت تاكايتشي خلال مناظرة برلمانية أنها لم تخطط للدخول في تفاصيل محددة بشأن سيناريو تايوان، قائلة: "لم أقصد ذكر أي تفاصيل محددة"، وهو ما اعتبره محللون إشارة تهدئة من طوكيو.
كما أكد ترامب نفسه للصحفيين أنه أجرى "محادثة رائعة" مع تاكايتشي، واصفًا إياها بأنها "ذكية جدًا وقوية وستكون قائدة عظيمة".
الصفقة التجارية
القلق الياباني من رسالة ترامب له ما يبرره، إذ أدركت طوكيو أن الرئيس الأمريكي لا يريد أن تعرقل التوترات حول تايوان الانفراجة التي حققها مع بكين الشهر الماضي.
هذه الانفراجة تتضمن وعدًا صينيًا بشراء كميات ضخمة من المنتجات الزراعية الأمريكية، لا سيما فول الصويا، لصالح المزارعين الأمريكيين المتضررين من الحرب التجارية.
وكشف مصدر مقرب من البيت الأبيض للصحيفة الأمريكية عن أن المكالمة بين ترامب وشي تمحورت أساسًا حول التجارة، إذ تشعر واشنطن بالقلق من تأخر الصين في تنفيذ وعودها بشراء فول الصويا.
وفي تصريحات للصحفيين، قال ترامب إنه طلب من شي "الشراء بشكل أسرع قليلًا"، مضيفًا أن الرئيس الصيني "وافق إلى حد كبير على ذلك".
وبحسب ما أعلنته واشنطن بعد لقاء ترامب وشي في كوريا الجنوبية أواخر أكتوبر، وافقت الصين على شراء 12 مليون طن متري من فول الصويا بنهاية العام الجاري، و25 مليون طن متري سنويًا للسنوات الثلاث المقبلة، علمًا بأن بكين لم تصدر بيانًا رسميًا يؤكد هذه الأرقام.
وفي بيان لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أكد ترامب أن "العلاقة الأمريكية مع الصين جيدة جدًا، وهذا جيد أيضًا لليابان، حليفتنا العزيزة والقريبة"، مضيفًا: "التفاهم مع الصين أمر عظيم للصين وأمريكا.. في رأيي، سيزيد الرئيس شي بشكل كبير من مشترياته من فول الصويا ومنتجات زراعية أخرى، وأي شيء جيد لمزارعينا جيد بالنسبة لي".
واختتم ترامب: "وقعنا اتفاقيات تجارية رائعة مع اليابان والصين وكوريا الجنوبية ودول أخرى كثيرة، والعالم في سلام.. دعونا نحافظ على ذلك".
دلالات سياسية
يرى محللون أن تسلسل الأحداث، بداية من اتصال ترامب بالصين أولًا ثم باليابان، يحمل دلالات مهمة حول أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.
ويشير ماثيو جودمان، المتخصص السابق في شؤون آسيا في إدارة أوباما والباحث في مجلس العلاقات الخارجية، إلى أنه "ليس من المستغرب أن يتحدث رئيس أمريكي مع القادة الصينيين واليابانيين، لكن ترتيب المكالمات مثير للاهتمام ومن المحتمل أن يثير بعض القلق في طوكيو"، في إشارة إلى احتمال استعداد ترامب لكبح موقف حليف مثير للجدل في قضية جيوسياسية محورية خدمة للعلاقة التجارية مع بكين.