الشرق تريبيون- وكالات
تتجه المفوضية الأوروبية نحو تنفيذ خطة مثيرة للجدل لتمويل أوكرانيا عبر قرض مضمون بالأصول الروسية المُجمَّدة في أوروبا، في وقت تواجه فيه كييف أزمة مالية خانقة وسط تعثر واضح في مفاوضات السلام بين واشنطن وموسكو.
90 مليار يورو
وكشفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عن خطة تمويلية بقيمة 90 مليار يورو تهدف لتغطية ثلثي احتياجات أوكرانيا المالية خلال العامين المقبلين، وفق ما نقلته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
وأوضحت "فون دير لاين" أن الهدف من هذا الدعم هو ضمان امتلاك أوكرانيا "الوسائل الكافية للدفاع عن نفسها ولخوض مفاوضات السلام من موقع قوة"، فيما سيتولى الشركاء الدوليون تأمين الجزء المتبقي من التمويل.
تطرح المفوضية خيارين أمام قادة الاتحاد الأوروبي، أولهما يعتمد على قرض مضمون بالأصول الروسية المجمدة، والثاني يقوم على اقتراض مشترك من دول الاتحاد باستخدام أموال غير مخصصة في الموازنة الأوروبية كضمان.
ورغم أن المسؤولين الأوروبيين أشاروا إلى إمكانية الجمع بين الخيارين، إلا أنهم أكدوا أن خيار الأصول الروسية المجمدة يبقى الأفضل من وجهة نظرهم، رغم المعارضة الشديدة من بلجيكا.
ترتكز فكرة "قرض التعويضات" على افتراضين أساسيين، هما أن موسكو ستدفع تعويضات لأوكرانيا في المستقبل، وأن الأصول الروسية ستظل مُجمَّدة لفترة طويلة قادمة.
يُقدر إجمالي الثروة السيادية الروسية المجمدة في الغرب بنحو 290 مليار يورو منذ اندلاع الحرب عام 2022، معظمها موجود في أوروبا.
رفض بلجيكي
يتركز قلب المعركة حول هذه الخطة في بلجيكا، إذ تحتفظ مؤسسة "يوروكلير" في بروكسل بنحو 183 مليار يورو من الأصول الروسية، فيما يرفض رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر الخطة بشدة، واصفًا إياها بأنها "خاطئة جوهريًا" وتشكل عقبة أمام أي اتفاق سلام، إذ لن يكون بالإمكان استخدام الأصول المجمدة لإعادة إعمار أوكرانيا لاحقًا.
كما يحذر "دي ويفر" من أن بلاده قد تواجه فاتورة بمليارات اليوروات إذا رفع أفراد وشركات روسية دعاوى قضائية ضد "يوروكلير".
وفي تصريحات صريحة لدى وصوله إلى اجتماع وزراء حلف شمال الأطلسي في بروكسل، قال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو إن حكومته لا تزال تعتبر قرض التعويضات "الأسوأ من بين جميع الخيارات المطروحة".
وأضاف أن النص الذي ستقدمه المفوضية "لا يعالج مخاوفنا بطريقة مرضية، فمن غير المقبول استخدام الأموال وتركنا وحدنا نواجه المخاطر"، كما عبر عن إحباط بلاده من "عدم الاستماع إليها" ومن "التقليل من شأن مخاوفها".
من الناحية النظرية، يمكن التصويت ضد موقف بلجيكا في مجلس الاتحاد الأوروبي، خاصة أن الخطة تحظى بدعم قوي من ألمانيا ودول الشمال ووسط وشرق أوروبا، إلا أنه في الواقع تتردد الدول الأوروبية في عزل بروكسل، وستواجه الحكومة البلجيكية ضغوطًا متزايدة للموافقة على الخطة.
ضمانات لتهدئة المخاوف
ردًا على الاعتراضات البلجيكية، أكدت "فون دير لاين" أن المفوضية أخذت في الاعتبار "تقريبًا جميع" مخاوف بلجيكا، وأن المقترح يتضمن "ضمانات قوية للغاية لحماية الدول الأعضاء وتقليل المخاطر قدر الإمكان".
تشمل هذه الضمانات تعهدات من دول الاتحاد الأخرى والاتحاد الأوروبي نفسه بتعويض بلجيكا في حال اضطرت لسداد أي أموال، بالإضافة إلى حماية ضد "المصادرات غير القانونية خارج روسيا"، في إشارة إلى التحديات القضائية المحتملة في دول صديقة لموسكو.
كما سيعمل الاتحاد على تطوير القانون الذي يدعم تجميد الأصول لضمان عدم "إذابتها" عن طريق الخطأ بسبب فيتو من أي دولة عضو.
وحاليًا، يجب تجديد العقوبات الأوروبية كل ستة أشهر بالإجماع، بما في ذلك موافقة حكومة المجر الموالية للكرملين.
رفضت فون دير لاين حجة رئيس الوزراء البلجيكي بأن استخدام الأصول المجمدة سيعوق أي اتفاق سلام، مؤكدة أن الخطة "تزيد من تكلفة حرب روسيا العدوانية، وهذا يجب أن يشكل حافزًا إضافيًا لروسيا للانخراط على طاولة المفاوضات".
من جهتها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، المؤيدة القوية لخطة الأصول المُجمَّدة، إنها لا تسعى "للتقليل من المخاطر أو مخاوف الحكومة البلجيكية"، لكنها شددت على أن القرض المستند إلى الأصول الروسية هو الخيار الأفضل وسيعزز "بالتأكيد الموقف الأوروبي تجاه موسكو".