الجريدة العربية الاولى عند التأسيس ناطقة باللغة العربية والانجليزية والفرنسية ..مقرها لندن والقاهرة وقريبا فى دول الخليج و المغرب العربى

رئيس التحرير
محمد العطيفي
الشرق تريبيون
مستقلة. سياسية. دولية
الصوت العربي الى العالم
عاجل
الشرق الاوسط

جرائم "سديه تيمان".. فضيحة أخلاقية مرعبة تهز صورة إسرائيل

جرائم "سديه تيمان".. فضيحة أخلاقية مرعبة تهز صورة إسرائيل

الشرق تريبيون- اخبار 

في إسرائيل، لم يعد الجدل يدور حول الجريمة، بل حول من كشفها، إذ فجر تسريب مقطع فيديو صادم من مركز احتجاز "سديه تيمان" عن اغتصاب أسير فلسطيني على يد حراس إسرائيليين، عاصفة من الغضب تجاه المسرّب للخبر لا المجرمين أنفسهم، لتبقى حقيقة واحدة أن ما يجري في الزنزانة الإسرائيلية ليس سوى انعكاس لفساد أعمق، يتجاوز الأفراد إلى جوهر الدولة ذاتها.

تسريب يهز إسرائيل

تصدّرت فضيحة تسريب فيديو يُظهر اغتصاب أسير فلسطيني على يد حراس إسرائيليين داخل مركز احتجاز "سديه تيمان"، العام الماضي، عناوين وسائل الإعلام الإسرائيلية، لتصبح محور اهتمام الرأي العام، وحسب مجلة +972 العبرية بات مألوفًا في إسرائيل، ألا يتوجّه الغضب الشعبي نحو الجريمة بل نحو التسريب الذي كشفها.

وقادت القضية النائبة العسكرية العامة يفعات تومر-يروشالمي، التي تُعد أعلى مسؤولة قانونية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبعد إعلان المدعي العام للحكومة فتح تحقيق في التسريب، تم تعليقها عن منصبها، وبعد يومين فقط، قدمت استقالتها، مقرة بتورطها الشخصي في تسريب الفيديو إلى الإعلام.

ونُشر الفيديو أغسطس 2024، عبر المراسل القانوني للقناة 12 الإسرائيلية، ويُعتقد أن تومر-يروشالمي كانت المصدر، وعندما كلّفت لاحقًا بالتحقيق في القضية نفسها، زعم أنها أنكرت أي علاقة بالتسريب، وفق "+972".

اختفاء غامض

في تطور درامي، اختفت تومر-يروشالمي، ما أثار المخاوف من محاولة انتحار، وعُثر على سيارتها مهجورة شمال تل أبيب، قبل أن تظهر مساءً دون هاتفها، وتُقتاد إلى الحجز لدى الشرطة، بعد أيام، وبتاريخ 7 نوفمبر عُثر على هاتفها على شاطئ تل أبيب، وأُطلق سراحها من السجن مع فرض الإقامة الجبرية لعشرة أيام.

وأصبحت القضية العنوان الأبرز في الصحافة الإسرائيلية، حتى كادت أن تُغطي على النقاشات حول الحرب في غزة، ورغم استمرار الاحتلال والقصف المتقطع، بدا أن اهتمام الإسرائيليين تحوّل بالكامل نحو الفضيحة الجديدة، في انعكاس واضح لحالة الانفصال الأخلاقي التي يعيشها المجتمع.

 

روايتان متناقضتان

تُظهر الفضيحة انقسامًا حادًا في الداخل الإسرائيلي، فمن جهة، يرى اليمين أن تومر-يروشالمي جزء من "الدولة العميقة" التي تحاول تقويض الطابع اليهودي لإسرائيل وتشويه صورتها أمام العالم، ووفقًا لهذه الرواية، فإن التسريب لم يكن سوى مؤامرة لتصوير جيش الاحتلال الإسرائيلي ككيان غير أخلاقي، وهو اتهام لا أساس له.

أما المعسكر الليبرالي فيرى أن تومر-يروشالمي تصرفت بدافع وطني وأخلاقي، فبرأيهم، لولا تسريبها، لتم التعتيم على الجريمة ولأفلت الجناة من العقاب، خصوصًا في ظل نفوذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومع ذلك، يعترف بعض مؤيديها بأنها كذبت في التحقيقات، مبررين ذلك بأنه "كذب في سبيل الحقيقة".

وكتب الكاتب الإسرائيلي درور بورستين في صحيفة "هآرتس"، أن ما تمثله تومر-يروشالمي من عدالة وقانون كان مهددًا بالانهيار، مضيفًا: "في مكانٍ أصبح فيه الشر والكذب أمرين طبيعيين، لم يعد هناك مكان للعدالة أو الحقيقة".

غياب الضحايا

وسط هذا الجدل، غاب جوهر القضية، وهو الضحية الفلسطينية، والفعل الإجرامي نفسه في الروايتين، اليمينية والليبرالية، اختُزلت الجريمة إلى مجرد أداة في معركة داخلية على "روح الدولة اليهودية"، فاليمين ينفي وجود الجريمة أصلًا، بينما يرى الليبراليون أن المسألة أخلاقية داخلية لا تتعلق بما يجري للفلسطينيين.

بالنسبة للطرفين، لم تُعتبر المجزرة في غزة إبادة جماعية، بل "ضرورة دفاعية"، كلاهما يرى أن لإسرائيل حقًا مفتوحًا في الدفاع عن نفسها، حتى لو شمل ذلك انتهاكات جسيمة ضد المدنيين.

وحسب "+972" تُبرز قضية "سدي تيمان" فقدان البوصلة الأخلاقية داخل إسرائيل، فالحراس الذين اغتصبوا الأسير الفلسطيني فعلوا ذلك تحت غطاء السلطة المطلقة، دون خوف من المحاسبة، أما تومر-يروشالمي، فلم يكن دافعها الأساسي العدالة، بل حماية مؤسستها القانونية من الانهيار.

وخلال العامين الماضيين، تجاهلت المدعية العامة عشرات الشكاوى المتعلقة بجرائم حرب ضد الفلسطينيين، لكنها اختارت التحرك فقط عندما بات الصمت يُهدد موقعها.

إضافة تعليق

لن يتم نشر البريد الإلكتروني

ذات صلة

الشرق تريبيون
عادة ما يتم الرد خلال 5 دقائق
الشرق تريبيون
أهلا وسَهلًا 👋

كيف يمكننا تقديم المساعدة؟
بدء المحادثة