الشرق تريبيون- متابعات
في خضم أطول إغلاق حكومي تشهده الولايات المتحدة على الإطلاق، تحول قطاع الطيران الأمريكي إلى ساحة معركة سياسية جديدة، إذ فرضت السلطات الفيدرالية تخفيضات غير مسبوقة على الرحلات التجارية، مخلفة فوضى واسعة بين المسافرين وتهديدات بتداعيات اقتصادية خطيرة مع اقتراب موسم الأعياد.
قرار استثنائي
أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية عن إجراء طارئ يقضي بخفض حركة الطيران التجاري بنسبة تبدأ من 4% وتتصاعد إلى 10% بحلول 14 نوفمبر، حسبما أفادت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
ويشمل القرار 40 مطارًا مزدحمًا على رأسها مطار جون كينيدي الدولي في نيويورك ومطار لوس أنجلوس، وذلك خلال الفترة من السادسة صباحًا حتى العاشرة مساءً.
وأوضح براين بيدفورد، مدير إدارة الطيران الفيدرالية، أن هذه الخطوة الاستثنائية جاءت لضمان سلامة حركة الطيران في ظل عمل المراقبين الجويين دون رواتب منذ بداية الأزمة، مضيفًا: "نشهد مؤشرات إجهاد في النظام، لذا نخفض عدد الرحلات بشكل استباقي لضمان استمرار الطيران الآمن للشعب الأمريكي".
وأكد بيدفورد أنه في تاريخه الممتد 35 عامًا في قطاع الطيران، لم يشهد وضعًا مماثلًا يستدعي مثل هذه الإجراءات الصارمة.
موجة إلغاءات تجتاح المطارات
تسببت الأزمة في إلغاء أكثر من 800 رحلة مرتبطة بالولايات المتحدة صباح يوم الجمعة وفق بيانات موقع "فلايت أوير" المتخصص، والتي أظهرت أن أربعة من كل خمسة رحلات ملغاة حول العالم كانت بسبب الوضع الأمريكي.
وبحلول ظهر الجمعة، ألغي 43 رحلة في مطار جون كينيدي وحده، فيما بدأت شركات يونايتد وساوث ويست ودلتا بتقليص جداول رحلاتها منذ مساء الخميس.
وحذر وزير النقل شون دافي في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" من ارتفاع نسبة الإلغاءات إلى 15% أو حتى 20%، محملاً الديمقراطيين مسؤولية "الفوضى الشاملة" المحتملة، رغم أن الإغلاق نتج عن فشل الحزبين في التوصل إلى اتفاق.
وأضاف دافي: "إذا لم ينته الإغلاق قريبًا، فإن النتيجة ستكون عدم حضور المزيد من المراقبين إلى العمل"، في إشارة إلى تحول المجال الجوي إلى سلاح سياسي فعال.
شركات الطيران تكافح للتكيف
أعلن سكوت كيربي، الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد إيرلاينز، أن الشركة ستواصل تحديث جداول رحلاتها بشكل مستمر مع استمرار الإغلاق الحكومي، وذلك لمنح العملاء إشعارًا مسبقًا بعدة أيام وتقليل الاضطراب قدر الإمكان، بينما أكدت دلتا إيرلاينز التزامها بالتوجيهات الحكومية مع توقعها تشغيل الغالبية العظمى من رحلاتها كما هو مقرر.
وفي مطار جون كينيدي، روت إندرجيت تشامبر، مضيفة طيران بشركة ريبابليك إيروايز، أن رحلتين من أصل ثلاث كانت مقررة لها يوم السبت أُلغيَتا صباح الجمعة.
وفيما لم يبلغ معظم المسافرين الذين تحدثت معهم "ذا جارديان" عن اضطرابات كبيرة، إلا أن إحدى المسافرات وصلت المطار قبل موعدها بثلاث ساعات متأثرة بالقلق المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
تداعيات اقتصادية خطيرة
تأتي هذه الاضطرابات في توقيت بالغ الحساسية، قبل أسبوعين فقط من عطلة عيد الشكر التي تشهد أكثر فترات السفر ازدحامًا على مدار العام، ما يضاعف الضغوط على المشرعين للتوصل إلى حل.
وتشير تقديرات شركة "سيريوم" للتحليلات الجوية إلى أن التخفيضات قد تطال 1800 رحلة يوميًا وأكثر من 268 ألف مقعد إجمالًا.
وحذر كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، في حديث لشبكة "فوكس بيزنس" من تأثير واسع على النشاط الاقتصادي الأمريكي، موضحًا أن سفر الأعمال يمثل جزءًا بالغ الأهمية من حركة الطيران، وأن توقفه يعني صفقات تجارية لا تُبرم وغرف فندقية تبقى فارغة.
وأضاف هاسيت أن قطاع السفر والترفيه يتعرض لضربة قوية حاليًا، محذرًا من احتمال حدوث تراجع اقتصادي قصير الأمد إذا استمرت أزمة الطيران لأسبوع أو أسبوعين إضافيين.
تعاني إدارة الطيران الفيدرالية من نقص حاد يصل إلى 3000 مراقب جوي، بالإضافة إلى 11 ألف موظف آخر يواصلون العمل دون أجور رغم تصنيفهم كعمال أساسيين، منذ انطلاق الإغلاق الحكومي الشهر الماضي بسبب الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين حول خطط الإنفاق.