الشرق تريبيون- متابعات
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع السلع الصينية، في تصعيد غير مسبوق للحرب التجارية بين البلدين، ما تسبب في موجة هبوط حاد بالأسواق المالية الأمريكية يوم الجمعة.
انهيار الأسواق وسط مخاوف التصعيد
شهدت وول ستريت خسائر فادحة وصفتها صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية بالأسوأ منذ أبريل الماضي، إذ تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 2.71%، وخسر "داو جونز" نحو 878 نقطة، بينما انهار "ناسداك" بنسبة 3.58%.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن مؤشر التقلب الملقب بـ"مقياس الخوف" في وول ستريت، والذي يقيس توقعات المستثمرين للتقلبات المستقبلية، ارتفع بنسبة 30%، مسجلًا أعلى مستوياته منذ مايو الماضي، وسط حالة من الذعر بين المستثمرين.
بدأت الأسهم في التراجع منذ الصباح، عقب إعلان ترامب عبر منصة "تروث سوشال" عن زيادة ضخمة في الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، قبل أن يؤكد في منشورٍ مسائي فرض رسوم بنسبة 100% "فوق أي رسوم جمركية حالية"، مع فرض قيود تصدير أمريكية على "جميع البرمجيات الحيوية".
وبحسب معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فإن متوسط الرسوم الجمركية على الواردات الصينية يبلغ حاليًا 57%، بعد أن وصل إلى ذروة 140% في ذروة الحرب التجارية هذا العام.
قيود صينية على المعادن النادرة
وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، عن قواعد تصدير جديدة تلزم المصدرين الأجانب بالحصول على ترخيص لأي مواد تحتوي على أكثر من 0.1% من المعادن الأرضية النادرة الصينية، أو المصنعة باستخدام تقنيات الاستخراج أو التكرير الصينية.
تُعد هذه المواد حيوية لصناعات استراتيجية كالرقائق الإلكترونية، والمعدات الطبية، والتكنولوجيا الدفاعية، ومراكز البيانات اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
اتهم ترامب بكين بمحاولة "إغراق" الأسواق العالمية بهذه القيود، واصفًا الإجراءات الصينية بـ"الغريبة جدًا" و"العدائية"، مشيرًا إلى أن الصين ترسل رسائل إلى دول العالم لفرض ضوابط تصدير على كل عنصر يتعلق بالمعادن النادرة.
وأضافت "واشنطن بوست" أن بكين أعلنت أيضًا عن تحقيق في شركة "كوالكوم" الأمريكية للرقائق المتنقلة، بعد أسابيع من إطلاق تحقيق مماثل ضد شركة "إنفيديا" للذكاء الاصطناعي.
إعلان الحرب الاقتصادية
نقلت "واشنطن بوست" عن جون مولينار، رئيس لجنة مجلس النواب الأمريكي للصين، وصفه الإجراءات الصينية بأنها "إعلان حرب اقتصادية على الولايات المتحدة، وصفعة على وجه الرئيس ترامب وسط جهوده لتحقيق مساواة في التجارة".
فيما حذر النائب الديمقراطي راجا كريشنامورثي، من أن القيود تُظهر استعداد الصين لاستخدام سيطرتها على المواد الحيوية "كأداة إكراه".
وشهدت العلاقات بين البلدين تحسنًا نسبيًا خلال الأشهر الستة الماضية، حيث أجرى القادة مكالمتين رسميتين، وتوصلا في سبتمبر إلى اتفاق حول نقل ملكية عمليات "تيك توك" الأمريكية إلى مستثمرين أمريكيين، وهو ما كان يمهد لقمة محتملة هذا الشهر.
لكن ترامب أعلن عدم وجود "سبب واضح" للمضي قدمًا في اللقاء المخطط له مع الرئيس شي جين بينج، خلال منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في كوريا الجنوبية.
تاريخ من التصعيد والتهدئة
في السياق، أشارت "ذا إندبندنت" إلى أن التوتر بين الدولتين وصل إلى نقطة الغليان في أبريل الماضي، عندما فرض ترامب رسومًا جمركية شاملة على الحلفاء والخصوم، مستهدفًا الصين برسوم 34% على السلع المستوردة.
ردت بكين بفرض رسوم مماثلة على السلع الأمريكية، ودخل البلدان في حرب جمركية متصاعدة تجاوزت 100%، إلا أن الأمور هدأت في مايو عندما خفّضت واشنطن الرسوم إلى 30%، وبكين إلى 10%.
نقلت "واشنطن بوست" عن ريان هاس، مدير مركز جون ثورنتون للصين في معهد بروكينجز، قوله إن "هناك تفاهُمًا ضمنيًا بأن التوقف عن التصعيد يخدم مصلحة الطرفين، لكن رد فعل ترامب القوي يشير إلى شعوره بأن بكين خرقت هذا التفاهم".
في المقابل، يرى جيك فيرنر، مدير برنامج شرق آسيا في معهد كوينسي، أن "ترامب هدد بتفجير العلاقة ثلاث مرات هذا العام، لكنه عاد إلى الطاولة لأنه يعلم أن الصين قادرة على إيذاء أمريكا بقدر ما يستطيع هو إيذاء الصين".