خطر رداء المحبة وأستبدالة بثوب الكراهية
-
12/12/2016 01:52:00 م
- |
- رئيس التحرير
بقلم : يسرى حسين
جريمة سفك دماء ابرياء داخل كنيسة وخلال صلاة ، بشعة ،تدين مسيرة مجتمع خلع رداء المحبة وأرتدي ثوب الكراهية.
تلك القنبلة التي قتلت الأطفال ونساء ذهبن للصلاة ،تشير لشيء مخيف داخل مصر ،تكون عبر سنوات وأفرز هذا الوباء المخيف.
تخيل قلب هذا الرجل أو تلك المرأة التي زرعت القنبلة ،اذ لم يتم للحظة التفكير في أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم أقباط يستحقون الموت ،لأنهم كفار.
وصف الأقباط بالكفر متداول داخل مساجد تنشر الكراهية وفي كتب وفتاوى ،صنعت تلك القلوب المشوهة المعبئة بالكراهية.
تم تصنيع تلك العقول عبر سنوات من تخلف ساد مصر ،مع تولي السادات الحكم ،الذي تحالف مع الإخوان وفتح أمامهم المساجد والإعلام لينشروا فكرهم المدمر ،الذي بلوره سيد قطب في كتابه الرهيب ( معالم في الطريق) الذي يحدد ملامح الكراهية ضد المجتمع المدني ووسيلة بناء المجتمع الإسلامي بقتل الآخر القبطي والعلماني الؤمن بدولة مدنية للجميع.
مصر ،كانت مدنية ونشأت في ظلال الأقباط وعشنا معهم ،ولم نر سوى وطنية وقلوب صافية مسالمة ،وقد نشأت في حي شبرًا بين أقباط مصر وعملت معهم في لندن ،فلم اجد سوى صداقة ومعزة ،وقد احتضنني مع وصولي لندن قبطي مصري هو رؤوف حنا ،مثال الطيبة والإنسانية والمودة .
احوال المصريين كانت في إطار العيش المشترك وثقافة واحدة وأم كلثوم واحدة ،لكن مع الهزيمة بدأت رياح التغيير ،وخروج الإخوان من السجون في عهد السادات سمح لهم بترويج أفكارهم ضد الآخر الوطني ،ونتيجة لضعف الدولة سمحت لهم بنشر هذا الظلام وترويج أفكارهم السلفية وانتشار ثقافة معادية للوطنية والمرأة والحرية والمساواة .
خلال عملي بالأهرام الدولي بلندن فوجئت بصحفيين شباب زوجاتهم ترتدي الحجاب ،ويرفضون الحياة المدنية ويكرهون الأقباط وأفكارهم محافظة بدرجة مخيفة.
تحولت الصحف لماكينات تفرز التزمت ،مع اختفاء أجيال التنوير لجيل إحسان عبد القدوس وغيره ،وظهرت أجيال أخرى تربت في زمن الإستبداد والانغلاق الديني ومعاداة الأقباط دليلا على التقوى .
تحولت مصر لمكان يحرض على الكراهية وعدوانية رسخها التيار السلفي بإدعاء الغيرة على الدين .
جريمة الكنيسة البطرسية نتيجة لكراهية مستمرة ضد الأقباط بشكل علني يروج لها سلفيون ،ومجتمع تخلى عن تقاليد صنعت نهضته .
مجرد السير في شوارع القاهرة ،تدرك حجم الجريمة التي تمت نتيجة الخضوع للسلفية ووهابية جردتنا من ثياب الحضارة ووضعنا ثياب التخلف مع التشدق بأنها إسلامية وهي ليست كذلك.
أين مصر الجميلة التي كانت حتى الستينيات؟ اختفت وظهرت مصر الأخرى المحجبة والمنتقبة في عودة لعصور الجاهلية ،وثقافتها بقتل الآخر ورجم النساء .
مصر تخلت عن نفسها وشحنت عقلها بكراهية خاصة ضد الأقباط ،وجريمة الكنيسة تكشف حجم العنف : قتل أبرياء يصلون.
هذا المجتمع عليه مواجهة نفسه ويعترف بأنه المسؤول ،اذ ترك الكراهية تنمو وتدخل المساجد ويتسلل التخلف حتى لشرائح عليا من الطبقة الوسطى ،اذ التقي بفئات مختلفة تشغل مناصب ضمن البعثة الدبلوماسية وتلحظ غياب الثقافة أو الأهتمام بالموسيقى أو الفنون ،لأنها في عرفهم حرام .
تراجعت مصر ،لأن التعليم أصبح يتأثر بالإخوان والسلفيين ،والصحافة يجلس على قمتها اجيال تأثرت بالتراجع المخيف في الأهتمام بالثقافة والفنون.
التقيت منذ سنوات بصحفي مصري شاب ادركت على الفور إخوانيته للتعصب تجاه أوروبا المتعلمة ورفضه الذهاب للمسرح أو السينما ،وعندما صعد الإخوان للسلطة تولى رئاسة أخبار اليوم.
تراجع المجتمع إلى الوراء هو المسؤول عن قتل الأبرياء الأقباط داخل الكنيسة وهم يصلون .
تلك الجريمة البشعة تدين هذا المجتمع الذي وصل لحالة من البلادة والعدوانية مثيرة للإنتباه ،اذ ترك عقله يغرق في ظلام رؤية متخلفة تدعي التدين الكاذب .
ما تعيشه مصر من نفاق ديني طقوسي ،أدى لتلك الحالة بقتل أبرياء خلال صلاة في كنيسة.
تلك الجريمة البشعة من المفروض أن تهز البلادة والإنغلاق ،حتى تنهض الأمة وتدرك حجم الكارثة ،وتعمل للخروج من نفق مظلم والعودة لمصر الأخرى ،عندما كانت تغني صباح مع وردة وترقص سامية جمال ،كنّا في زمن كاريوكا أكثر ايمانا لأننا لانقتل الأقباط وهم يصلون داخل الكنيسة.
منظر الدماء داخل الكنيسة يدين المجتمع الذي سمح بكراهية حرضت على صنع القنبلة التي اغتالت الأطفال وهم يستمعون لتراتيل تذكر أسم الله الرحيم المغفور.