الخميس, أبريل 25, 2024 21:34:19 لندن

خطر رداء المحبة وأستبدالة بثوب الكراهية

  • 12/12/2016 01:52:00 م
  • |
  • رئيس التحرير


بقلم : يسرى حسين 

جريمة سفك دماء ابرياء داخل كنيسة وخلال صلاة ، بشعة ،تدين مسيرة مجتمع خلع رداء المحبة وأرتدي ثوب الكراهية.
تلك القنبلة التي قتلت الأطفال ونساء ذهبن للصلاة ،تشير لشيء مخيف داخل مصر ،تكون عبر سنوات وأفرز هذا الوباء المخيف.
تخيل قلب هذا الرجل أو تلك المرأة التي زرعت القنبلة ،اذ لم يتم للحظة التفكير في أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم أقباط يستحقون الموت ،لأنهم كفار.
وصف الأقباط بالكفر متداول داخل مساجد تنشر الكراهية وفي كتب وفتاوى ،صنعت تلك القلوب المشوهة المعبئة بالكراهية.
تم تصنيع تلك العقول عبر سنوات من تخلف ساد مصر ،مع تولي السادات الحكم ،الذي تحالف مع الإخوان وفتح أمامهم المساجد والإعلام لينشروا فكرهم المدمر ،الذي بلوره سيد قطب في كتابه الرهيب ( معالم في الطريق) الذي يحدد ملامح الكراهية ضد المجتمع المدني ووسيلة بناء المجتمع الإسلامي بقتل الآخر القبطي والعلماني الؤمن بدولة مدنية للجميع.
مصر ،كانت مدنية ونشأت في ظلال الأقباط وعشنا معهم ،ولم نر سوى وطنية وقلوب صافية مسالمة ،وقد نشأت في حي شبرًا بين أقباط مصر وعملت معهم في لندن ،فلم اجد سوى صداقة ومعزة ،وقد احتضنني مع وصولي لندن قبطي مصري هو رؤوف حنا ،مثال الطيبة والإنسانية والمودة .
احوال المصريين كانت في إطار العيش المشترك وثقافة واحدة وأم كلثوم واحدة ،لكن مع الهزيمة بدأت رياح التغيير ،وخروج الإخوان من السجون في عهد السادات سمح لهم بترويج أفكارهم ضد الآخر الوطني ،ونتيجة لضعف الدولة سمحت لهم بنشر هذا الظلام وترويج أفكارهم السلفية وانتشار ثقافة معادية للوطنية والمرأة والحرية والمساواة .
خلال عملي بالأهرام الدولي بلندن فوجئت بصحفيين شباب زوجاتهم ترتدي الحجاب ،ويرفضون الحياة المدنية ويكرهون الأقباط وأفكارهم محافظة بدرجة مخيفة.
تحولت الصحف لماكينات تفرز التزمت ،مع اختفاء أجيال التنوير لجيل إحسان عبد القدوس وغيره ،وظهرت أجيال أخرى تربت في زمن الإستبداد والانغلاق الديني ومعاداة الأقباط دليلا على التقوى .
تحولت مصر لمكان يحرض على الكراهية وعدوانية رسخها التيار السلفي بإدعاء الغيرة على الدين .
جريمة الكنيسة البطرسية نتيجة لكراهية مستمرة ضد الأقباط بشكل علني يروج لها سلفيون ،ومجتمع تخلى عن تقاليد صنعت نهضته .
مجرد السير في شوارع القاهرة ،تدرك حجم الجريمة التي تمت نتيجة الخضوع للسلفية ووهابية جردتنا من ثياب الحضارة ووضعنا ثياب التخلف مع التشدق بأنها إسلامية وهي ليست كذلك.
أين مصر الجميلة التي كانت حتى الستينيات؟ اختفت وظهرت مصر الأخرى المحجبة والمنتقبة في عودة لعصور الجاهلية ،وثقافتها بقتل الآخر ورجم النساء .
مصر تخلت عن نفسها وشحنت عقلها بكراهية خاصة ضد الأقباط ،وجريمة الكنيسة تكشف حجم العنف : قتل أبرياء يصلون.
هذا المجتمع عليه مواجهة نفسه ويعترف بأنه المسؤول ،اذ ترك الكراهية تنمو وتدخل المساجد ويتسلل التخلف حتى لشرائح عليا من الطبقة الوسطى ،اذ التقي بفئات مختلفة تشغل مناصب ضمن البعثة الدبلوماسية وتلحظ غياب الثقافة أو الأهتمام بالموسيقى أو الفنون ،لأنها في عرفهم حرام .
تراجعت مصر ،لأن التعليم أصبح يتأثر بالإخوان والسلفيين ،والصحافة يجلس على قمتها اجيال تأثرت بالتراجع المخيف في الأهتمام بالثقافة والفنون.
التقيت منذ سنوات بصحفي مصري شاب ادركت على الفور إخوانيته للتعصب تجاه أوروبا المتعلمة ورفضه الذهاب للمسرح أو السينما ،وعندما صعد الإخوان للسلطة تولى رئاسة أخبار اليوم.
تراجع المجتمع إلى الوراء هو المسؤول عن قتل الأبرياء الأقباط داخل الكنيسة وهم يصلون .
تلك الجريمة البشعة تدين هذا المجتمع الذي وصل لحالة من البلادة والعدوانية مثيرة للإنتباه ،اذ ترك عقله يغرق في ظلام رؤية متخلفة تدعي التدين الكاذب .
ما تعيشه مصر من نفاق ديني طقوسي ،أدى لتلك الحالة بقتل أبرياء خلال صلاة في كنيسة.
تلك الجريمة البشعة من المفروض أن تهز البلادة والإنغلاق ،حتى تنهض الأمة وتدرك حجم الكارثة ،وتعمل للخروج من نفق مظلم والعودة لمصر الأخرى ،عندما كانت تغني صباح مع وردة وترقص سامية جمال ،كنّا في زمن كاريوكا أكثر ايمانا لأننا لانقتل الأقباط وهم يصلون داخل الكنيسة.
منظر الدماء داخل الكنيسة يدين المجتمع الذي سمح بكراهية حرضت على صنع القنبلة التي اغتالت الأطفال وهم يستمعون لتراتيل تذكر أسم الله الرحيم المغفور
.







اخر الاخبار

  • خطاب بايدن تهنئة لطالبان بأمارة اسلامية فى آسيا

    • 18/08/2021 02:06:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى مثيرا للجدل الخطاب الذى القاه الرئيس الأمريكى معلنا انسحابه من أفغانستان بعد سيطرة طالبان عليها بالكامل فى ساعات . وللحقيقة وهذه هى مسئولية الشعب الأمريكى أن يسأل ( بايدن ) عن خطورة هذا القرار وما نتج عنه وأمريكا كانت القوة التدميرية لها بعد الحادى عشر من سبتمبر وفى حربها على أفغانستان أى حربها على ( طالبان ) كانت بكل المقاييس من أقوى الحروب وتكلفة مالية لم يسبق لها مثيل ...

  • حقوق الأنسان بين الحقيقة والتصنع

    • 16/03/2021 08:16:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى كلمة " حقوق الانسان " اصبحت كلمة مطاطة عديمة للجدوى لأنها تفهم منقوصة ومجردة من أعماقها لدى المتشدقين بها . من الملاحظ انها يتم فهمها من نظرة ضيقة افقدتها أجمل المعانى التى نصت عليها القوانين الدولية التى نعترف بها . فمن قام بتجريد الكلمة من معانيها الحقيقية ، لتتحول للمنظور الضيق الذى تبناه ( رعاة عدم الفهم ) فى ظل نظام دولى ينتقى المفردات ، ويتحلل من معانيه...

  • مبادرة القاهرة للوضع فى ليبيا بداية للأستقرار فى ليبيا

    • 06/06/2020 08:47:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم محمد العطيفى استطاعت القاهرة اليوم أن تخرج بالمبادرة الهامة لخلق الاستقرار فى ليبيا وبداية الحوار بين الأطراف الليبية لأيجاد المخرج الصحيح من أزمة مدمرة عاشها الليبين تجرعوا فيها العديد من ويلات حروب وعدم استقرار . هذه المبادرة بمثابة خطة طريق للوصول الى الأمن والسلام المفقود فى ليبيا منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة وهى المخرج الوحيد الذى يجب فورا استثمارها كفرصة لن تعرض مرة اخرى بنوايا صاد...

  • الخروج من سجن الكورونا

    • 02/06/2020 06:40:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى يستعد العالم الى العودة الى ماقبل كورونا بعد أن هدد هذا الفيروس اللعين حياة البشر ؛ ليشهد عام 2020 منذ بدايته ولمدة نصف العام حالات هلع ورعب وخوف لم تشهدها البشرية الا منذ سنوات بعيدة لم تشهدها الأجيال الحالية من قبل . فكانت هناك العديد من الاوبئة والامراض التى فتكت بالشعوب سابقا منها على سبيل المثال لا الحصر الكوليرا ؛ الانفلونزا الاسبانية بالاضافة الى ايبولا والعديد من ال...

  • المحنة .. والمنحة

    • 15/04/2020 07:01:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم الاستاذة : الفة السلامى ماذا فعلت أزمة كورونا بالعالم ؟! انظروا من حولكم وتأملوا.. فجأة باريس تفقد عشاقها و رومانسيتها ؛ برج ايفيل والشانزليزيه يذرفان دموع الشوق على ثمانين مليونا من عشاقهما السائحين الذين سيهجرون محبوبتهم فرنسا هذا العام "بجنها وملائكتها"! شاهدوا ديزني لاند بين عشية وضحاها قافرة هجرها السحر والساحر.. ولومبارديا العاشقة الجريحة أضحت بلا قلب يتخاطف فيها الإيط...

  • القدس والاقصى الشريف بين التطبيع والتثقيف

    • 22/07/2019 12:10:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى التطبيع كلمة مخيفة لدى البعض من العرب ، هى كلمة تخويف وتحمل العديد من المفاهيم البالية لدى عالمنا العربى .لان جزء من افكاره أما مستقاه من الاعلام ، أو من أحاديث متداولة نتناقلها كالاساطير . عالمنا العربى كاره للعنصرية ، ويطالب بعدالة أجتماعية ، وديمقراطية وحقوق أنسان ، المدينة الفاضلة ( لافلاطون ) الا على نفسه ، لذا نحن المثاليون من خلال الرؤية الواحدة . سألت مرارا العديد...

  • القدس والاقصى الشريف بين التطبيع والتثقيف

    • 22/07/2019 12:09:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى التطبيع كلمة مخيفة لدى البعض من العرب ، هى كلمة تخويف وتحمل العديد من المفاهيم البالية لدى عالمنا العربى .لان جزء من افكاره أما مستقاه من الاعلام ، أو من أحاديث متداولة نتناقلها كالاساطير . عالمنا العربى كاره للعنصرية ، ويطالب بعدالة أجتماعية ، وديمقراطية وحقوق أنسان ، المدينة الفاضلة ( لافلاطون ) الا على نفسه ، لذا نحن المثاليون من خلال الرؤية الواحدة . سألت مرارا العديد...

  • صفقة القرن فى إجازة حتى ربيع ٢٠٢٠

    • 24/06/2019 02:48:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    تعتبر صفقة القرن هى الشغل الشاغل بين كابوس يراه البعض وآخر يرى أنه الأمل فى نهاية الصراع العربى الفلسطينى الذى تقارب من عمر يتجاوز مائة عام . وبالرغم من مبادرات للحل الا انها تقابل بالرفض أو بالتعنت من الجانب الاسرائيلى ، الذى لايرتدع بل لاتشغله القرارات الدولية فى قضية تحتاج المرونة وتقديم التنازلات من كلا الجانبين اذا كانت هناك رغبة ونية صادقة من أجل السلام الذى يرتضى به الطرفين المتنازعين ...

  • ليبيا بين الواقع وعدم رؤية للمستقبل

    • 04/05/2019 09:04:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى قررت كتابة هذا المقال ونحن نستعد لنستقبل شهر كريم هو شهر رمضان المعظم شهر التسامح شهر الله وتلبية لرغبة العديد من الليبيين والليبيات ممن اتصل بهم من مدن شتى على الاراضى الليبية . - طال أمد الصراع فى ليبيا منذ عام 2011 ، والعالم يتمنى لها الاستقرار والعودة ليكون لها دورا فعالا على الساحة الاقليمية والدولية . لكن من الواضح انها غرقت فى آتون الحرب الاهلية منذ عام 2011 ور...

  • الى ما يسمون الاسلام السياسى ... انتهى الدرس ايها الارهابيون

    • 27/04/2019 04:11:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى رغم الدروس الكثيرة التى عاشها العالم العربى ، والتى جعلت من المواطن العربى اليوم أكثر نضوجا وفهما وقدرة على التمييز بين ماهو بخس وماهو نفيس ، الا أن التيارات الاسلامية وهى تلفظ انفاسها الاخيرة على عتبة الوعى الشعبى العربى ، والذى ينتفض اليوم هم من ينفضون غبار سنوات مرت اليمة ، لم يجد فيها المواطن العربى سوى زيف ودجل اهل هذا التيار الذين كانوا يتمنوا فى يوم ما رضى الدولة...


التعليقات

اضف تعليق