الجمعة, أبريل 19, 2024 00:40:38 لندن

ماذا تريد الشعوب ؟ ديمقراطية أم إقتصاد يلبى حاجة مواطنيها ؟‏

  • 27/12/2014 01:33:00 م
  • |
  • رئيس التحرير

ماذا تريد الشعوب ؟ ديمقراطية أم إقتصاد يلبى حاجة مواطنيها ؟

 

 

 

 

 

 

محمد العطيفى

الشعوب بطبعها تميل الى تلبية الحاجة  الإجتماعىة الضرورية  قبل الحديث عن الديمقراطية . فما يهم الفرد والجماعة هو ( الطعام ، والتعليم ، والصحة ، والعمل ) . إذا توفرت هذه الأمور ، لن يشغل الفرد كيف تدار أمور الدولة . أذن الإقتصاد هو العامل المشترك الذى يجمع أى شعب .

والإقتصاد ليس ممارسة ، بل هو قائم على التفضيل بين شيئين ايهما اهم  مرتبط بضرورة حاجة الانسان اليها . 
أما الديمقراطية فهى قواعد وأسس تتوصل لها الشعوب بعد ممارسات طويلة . ولها اشكال متعددة تبدأ من الديمقراطية الكلاسيكية التى بدأت فى ( أثينا القديمة ) مروراً بديمقراطية الجمهوريين ، والديمقراطية الليبرالية ثم الديمقراطية المباشرة ونهاية السياسة، وهى من ديمقراطيات القرن العشرين ، ثم خرج من رحمها ديمقراطية التعددية التى تنتهجها بعض الدول فى العالم ،  لنصل فى النهاية الى ديمقراطية يتم تصديرها لنا فى الشرق الأوسط بل تُفرّض تكاد أن تهلك بعض الشعوب وتدمرها وتساعد على انهيار وتقسيم الدول ، وهى ديمقراطية الدولة القومية ونظام العولمة . التى تقف خلفها الشركات الكبرى ، والمؤسسات الدولية لتشيع الفوضى وتهدم الدول لتخلق حالة عدم الاستقرار بحجة الديمقراطية المزعومة .
اذن نرى أن الديمقراطية لها أشكال وصور مختلفة ، ويحتاج تحقيقها الممارسة ورحلة طويلة ، ويمكن الوصول لها عن طريق ( الإصلاح السياسى) لضمان إستقرار الدولة وبقائها ، وهى ماتسمى ثورات التصحيح.وهو ماتتبناه حالياً أعتى وأقدم الديمقراطيات فى الزمن الحديث .
لأن السؤال المنطقى الذى يبحث عن إجابة هو : ماذا يصنع بالديمقراطية شعب ليس لديه إقتصاد يمكن توزيعه على الشعوب ؟ أو دولة يولد فيها الانسان مكبلاً بأعباء الديون ؟ ولو نظرنا الى الحراك العربى وماسمى ( الربيع العربى ) كان الإقتصاد فقط هو محركه الرئيسى . 
وهنا أقتبس من ( دارون اسيموجلو و جيمس روبنسون) فى كتابهم الجديد ( لماذا تسقط الأمم ) 
والذى يرى أن ( الفساد ) هو الآفة التى تسقط الدولة . وضربا مثلاً للحياة بين دولتين متجاورتين وعلى السياج الفاصل بين أميركا بالمكسيك  فى منطقة ( نوجلاس) تم ترسيم هذه الحدود عام ١٨٥٣بعد حرب المكسيك مع الأمريكان عام  ( ١٩٤٦-١٨٤٨) . 
فسكان هذا الأقليم مختلفين ربما عرقياً رغم أن الاقليم واحد وخطوات تقطعها سيراً على الأقدام  معدودة هو الحاجز الحدودى لترى الفرق  .
 فمن يعيش فى الجزء الخاضع لسيادة الولايات المتحدة الإمريكية ومنطقة ( نوجلاس الاريزونا) تحديداً هم مهاجرين من أوروبا ، أما من يعيش على الجانب الآخر من المكسيك منطقة ( نوجلاس سونورا)على الجانب الآخر من السياج الفاصل  منحدرون من الجنس ( الأزنكى) الذى حكم المكسيك قبل أن يفتحها الأسبان عام ١٥١٩ .هذا على صعيد الجنس البشرى.
أما على الأصعدة الأخرى ففى ( نوجلاس أريزونا ) تبدأ الدخول من٣٠٠٠٠ ثلاثون الف دولار دخل البيت الواحد  ، الأطفال كلهم فى مراحل التعليم ، الأكثرية من الشباب يحملون مؤهلات جامعية ، متوسط الأعمار لكبار السن أكثر من ٦٥ سنة نتيجة إرتفاع مستوى الرعاية الصحية .
الدولة تضمن الكهرباء ، التليفونات ، الصحة ، الطرق الممهدة التى تربطهم بالمدن والولايات الامريكية الأخرى . حضور القانون والنظام الذى يسود الجميع . السكان يستطيعون التحرك دون خوف على الأرواح ولا يخافون السرقة . يمكنهم الإستثمار دون وجود فساد فى المؤسسات ، وهذا ماتضمنه لهم الحكومة .
وعلى بعد خطوات نجد الجنوب فى الجانب المكسيكى ( نوجلاس سونورا) تجد أن دخل المواطن هناك أقل من ٣٠٪ من نظيره على الجانب الآخر فى الشمال ، الغالبية من سكان الجانب المكسيكي فى الإقليم لا يحملون شهادة جامعية . غالبية الأطفال محرومين من التعليم الأساسى ، الفقر فى الصحة ، الطرق غير ممهدة أو هالكة ، النظام والقانون فى غفلة ، فالجرائم نسبتها مرتفعة ، الاستثمار مخاطرة وهذا نتيجة الحماقة والفساد .
ففى اميركا تعتبر الديمقراطية هى الهدف الثانى بعد تلبية حاجاته الإجتماعية التى يضمنها له الإقتصاد .
فى المكسيك منذ عام ٢٠٠٠ هناك  ديمقراطية وإصلاح سياسى ، لكن يبقى الفساد وسوء الإدارة  داخل المؤسسات عائق أمام التقدم أو تحقيق أى هدف يلبى طموح وأحلام مواطنيها . 
من خلال هذه المقارنة يمكننا القول أننا فى مصر وبعض البلدان العربية نحتاج للتكاتف جميعاً لخلق إقتصاد يشعر به المواطن فى الصحة والتعليم ودخل الأفراد  وخلق أكبر فرص العمل للشباب .  ومحاربة الفساد وخلق النظام بسيادة القانون ،  وتكون هناك مساحة فى المؤسسات للإصلاح والتطوير .  عندها سننظر الى الديمقراطية كهدف ثانى  بعدالإقتصاد الذى هو الهدف الأول و الرئيسى للجماعات والأفراد .
 

 







اخر الاخبار

  • خطاب بايدن تهنئة لطالبان بأمارة اسلامية فى آسيا

    • 18/08/2021 02:06:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى مثيرا للجدل الخطاب الذى القاه الرئيس الأمريكى معلنا انسحابه من أفغانستان بعد سيطرة طالبان عليها بالكامل فى ساعات . وللحقيقة وهذه هى مسئولية الشعب الأمريكى أن يسأل ( بايدن ) عن خطورة هذا القرار وما نتج عنه وأمريكا كانت القوة التدميرية لها بعد الحادى عشر من سبتمبر وفى حربها على أفغانستان أى حربها على ( طالبان ) كانت بكل المقاييس من أقوى الحروب وتكلفة مالية لم يسبق لها مثيل ...

  • حقوق الأنسان بين الحقيقة والتصنع

    • 16/03/2021 08:16:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى كلمة " حقوق الانسان " اصبحت كلمة مطاطة عديمة للجدوى لأنها تفهم منقوصة ومجردة من أعماقها لدى المتشدقين بها . من الملاحظ انها يتم فهمها من نظرة ضيقة افقدتها أجمل المعانى التى نصت عليها القوانين الدولية التى نعترف بها . فمن قام بتجريد الكلمة من معانيها الحقيقية ، لتتحول للمنظور الضيق الذى تبناه ( رعاة عدم الفهم ) فى ظل نظام دولى ينتقى المفردات ، ويتحلل من معانيه...

  • مبادرة القاهرة للوضع فى ليبيا بداية للأستقرار فى ليبيا

    • 06/06/2020 08:47:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم محمد العطيفى استطاعت القاهرة اليوم أن تخرج بالمبادرة الهامة لخلق الاستقرار فى ليبيا وبداية الحوار بين الأطراف الليبية لأيجاد المخرج الصحيح من أزمة مدمرة عاشها الليبين تجرعوا فيها العديد من ويلات حروب وعدم استقرار . هذه المبادرة بمثابة خطة طريق للوصول الى الأمن والسلام المفقود فى ليبيا منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة وهى المخرج الوحيد الذى يجب فورا استثمارها كفرصة لن تعرض مرة اخرى بنوايا صاد...

  • الخروج من سجن الكورونا

    • 02/06/2020 06:40:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى يستعد العالم الى العودة الى ماقبل كورونا بعد أن هدد هذا الفيروس اللعين حياة البشر ؛ ليشهد عام 2020 منذ بدايته ولمدة نصف العام حالات هلع ورعب وخوف لم تشهدها البشرية الا منذ سنوات بعيدة لم تشهدها الأجيال الحالية من قبل . فكانت هناك العديد من الاوبئة والامراض التى فتكت بالشعوب سابقا منها على سبيل المثال لا الحصر الكوليرا ؛ الانفلونزا الاسبانية بالاضافة الى ايبولا والعديد من ال...

  • المحنة .. والمنحة

    • 15/04/2020 07:01:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم الاستاذة : الفة السلامى ماذا فعلت أزمة كورونا بالعالم ؟! انظروا من حولكم وتأملوا.. فجأة باريس تفقد عشاقها و رومانسيتها ؛ برج ايفيل والشانزليزيه يذرفان دموع الشوق على ثمانين مليونا من عشاقهما السائحين الذين سيهجرون محبوبتهم فرنسا هذا العام "بجنها وملائكتها"! شاهدوا ديزني لاند بين عشية وضحاها قافرة هجرها السحر والساحر.. ولومبارديا العاشقة الجريحة أضحت بلا قلب يتخاطف فيها الإيط...

  • القدس والاقصى الشريف بين التطبيع والتثقيف

    • 22/07/2019 12:10:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى التطبيع كلمة مخيفة لدى البعض من العرب ، هى كلمة تخويف وتحمل العديد من المفاهيم البالية لدى عالمنا العربى .لان جزء من افكاره أما مستقاه من الاعلام ، أو من أحاديث متداولة نتناقلها كالاساطير . عالمنا العربى كاره للعنصرية ، ويطالب بعدالة أجتماعية ، وديمقراطية وحقوق أنسان ، المدينة الفاضلة ( لافلاطون ) الا على نفسه ، لذا نحن المثاليون من خلال الرؤية الواحدة . سألت مرارا العديد...

  • القدس والاقصى الشريف بين التطبيع والتثقيف

    • 22/07/2019 12:09:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى التطبيع كلمة مخيفة لدى البعض من العرب ، هى كلمة تخويف وتحمل العديد من المفاهيم البالية لدى عالمنا العربى .لان جزء من افكاره أما مستقاه من الاعلام ، أو من أحاديث متداولة نتناقلها كالاساطير . عالمنا العربى كاره للعنصرية ، ويطالب بعدالة أجتماعية ، وديمقراطية وحقوق أنسان ، المدينة الفاضلة ( لافلاطون ) الا على نفسه ، لذا نحن المثاليون من خلال الرؤية الواحدة . سألت مرارا العديد...

  • صفقة القرن فى إجازة حتى ربيع ٢٠٢٠

    • 24/06/2019 02:48:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    تعتبر صفقة القرن هى الشغل الشاغل بين كابوس يراه البعض وآخر يرى أنه الأمل فى نهاية الصراع العربى الفلسطينى الذى تقارب من عمر يتجاوز مائة عام . وبالرغم من مبادرات للحل الا انها تقابل بالرفض أو بالتعنت من الجانب الاسرائيلى ، الذى لايرتدع بل لاتشغله القرارات الدولية فى قضية تحتاج المرونة وتقديم التنازلات من كلا الجانبين اذا كانت هناك رغبة ونية صادقة من أجل السلام الذى يرتضى به الطرفين المتنازعين ...

  • ليبيا بين الواقع وعدم رؤية للمستقبل

    • 04/05/2019 09:04:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى قررت كتابة هذا المقال ونحن نستعد لنستقبل شهر كريم هو شهر رمضان المعظم شهر التسامح شهر الله وتلبية لرغبة العديد من الليبيين والليبيات ممن اتصل بهم من مدن شتى على الاراضى الليبية . - طال أمد الصراع فى ليبيا منذ عام 2011 ، والعالم يتمنى لها الاستقرار والعودة ليكون لها دورا فعالا على الساحة الاقليمية والدولية . لكن من الواضح انها غرقت فى آتون الحرب الاهلية منذ عام 2011 ور...

  • الى ما يسمون الاسلام السياسى ... انتهى الدرس ايها الارهابيون

    • 27/04/2019 04:11:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى رغم الدروس الكثيرة التى عاشها العالم العربى ، والتى جعلت من المواطن العربى اليوم أكثر نضوجا وفهما وقدرة على التمييز بين ماهو بخس وماهو نفيس ، الا أن التيارات الاسلامية وهى تلفظ انفاسها الاخيرة على عتبة الوعى الشعبى العربى ، والذى ينتفض اليوم هم من ينفضون غبار سنوات مرت اليمة ، لم يجد فيها المواطن العربى سوى زيف ودجل اهل هذا التيار الذين كانوا يتمنوا فى يوم ما رضى الدولة...


التعليقات

اضف تعليق