الجمعة, مارس 29, 2024 11:34:06 لندن

ثقافة التسامح وثقافة التطرف .ودور الإعلام

  • 01/12/2014 05:18:00 م
  • |
  • رئيس التحرير

ثقافة التسامح وثقافة التطرف .ودور الإعلام 

 

الإعلام هو دائماً عنوان للحضارة ورمز للحرية وصفات للتقدم ، لأنه السلطة الرابعة الغير خاضعة إلا للضمير الإعلامى . فالعالم المتقدم منذ الحداثة يعتمد عليها فى إتخاذ القرار . ومنذ أن حلت ( العلمانية الفاصلة ) والتى فصلت الدين عن الدولة ، والعالم الغربى يقطع اشواطاً كبيرة فى الإرتقاء والإبتكار والإزدهار للشعوب حتى أصبحت حلم للشباب فى بلدان لعب الدين دوراً كبيراً فى تخلفها وإقتتالها .

ولدينا الدليل لنتائج الإقتتال وعدم الإستقرار فى بلدان كثيرة . البحر يتغذى بجثث الشباب الباحث عن الأمن والمستقبل فى هذه الدول الغربية ، وانتشرت ظاهرة الهجرة الغير شرعية للفارين من الإقتتال بإسم الدين بحثاً عن الأمن والسعادة والإستقرار .
وهنا نسأل الإعلام فى هذه الدول ودوره فى بسط لغة الحوار الهادىء والمستنير الذى يدعو لنشر ثقافة ( التسامح) ويتصدى لثقافة ( التطرف ) هذا من جهة .والتركيز على ظاهرة غرق الشباب فى البحر والهجرة بين أسباب ودوافع من جهة اخرى . 
فثقافة التطرف فى عالمنا العربى على مايبدو راسخة ، لإنها قائمة على الإقصاء كجوهر لها .  محصورة بين ( الحلال والحرام) وهذا ما يحدث التشدد الذى يتحول الى بدعة ، والبدعة بدورها تُحدث الإنقسام داخل مجتمع واحد . فى حين أن ميدان ( الحركة الإنسانية ) قائم على الإنسانيات . وتعتمد على  الأخلاق التى جوهرها بناء النفس والشعور بالتقوى . فهناك العديد من الشعوب لادين لها ، بل تعتمد على الأخلاق كغذاء للنفس ، وتعتمد على مالديها من تراث للتشريع الذى ينظم علاقة البشر بالبشر بقصد الوصول بالمجتمع الى حالة السعادة والكمال كهدف  .فلا يقصوا الأخرين .يوفون بالوعود والعهود ، يدافعون عن المظلومين والمستضعفين ، يهتمون بالمرضى والمحتاجين . دون وازع دينى أو فتوى من رجل دين . وهذا يرجع الى إيمانهم التام بالمنظمومة الأخلاقية،  التى تحترم الافراد و الأعراف والتقاليد التى تحكم المجتمع بعيداً عن لغة التشدد أو العنف .
لذا أطلقت الفلسفة الإغريقية لفظ ( السعادة) لإنها اختيار المجتمع . والفرد بالفطرة يميل الى الإختيار الجيد للحياة . لذا فالسعادة كهدف هى أيضاً اهتمام مشترك للمجتمع بالكامل ، وقادرة على توحيده ليحقق هذا الهدف ويخلق السلام والوئام بين الأفراد . 
ففى مجتمعاتنا على سبيل المثال نرى القضايا الثآرية مازال لها وجود فى ظل الحداثة . لأننا فى مجتمعاتنا ليس لدينا ثقافة التسامح .كثيرى التأثر بالعاطفة على حساب العقل .
فالتسامح مبدأ إنسانى ، يعتمد على نسيان الماضى المؤلم بكامل الإرادة ، والنظر الى المستقبل وإزالة كل العوائق التى تحد من تقدم المجتمعات وإزدهارها .
وهذا يدعونا للعودة الى منظومة الأخلاق ،و التى تعتبر التسامح جوهرها .فالشعور بإستبدال الغضب والحقد والكراهية بالعفو والرحمة والتعاطف هى الوسائل التى تدعم ركائز العدل والديمقراطية للمجتمعات ،  مع الأخذ فى الإعتبار احترام قيم الأخرين وعقائدهم كجزء من المنظومة الأخلاقية التى منهجها الحب والإخلاص والشعور بالمساواة.
 هذا بدوره سيهمش دور التطرف الذى يدعو الى مواجهة الأخر وتهديد أمنه وسلامته وخلق الفوضى وعدم الاستقرار كقاعدة عامة يستند عليها فى الذبح والقتل وأنهار الدماء وكلها تتم بإسم الدين أمام الجميع ويستخدم وسائل الإعلام فى فوضى عالمية  .
لذا من الواجب أن يهتم الإعلام العربى على وجه الخصوص بأن تكون استراتيجيته نشر ثقافة التسامح بعد الفشل فى مواجهة التطرف ولغة العنف التى تستند الى الدين كمبرر للقتل والفوضى 
فالعالم والمجتمعات تحتاج الى التوافق والتقريب لخلق الأمن والاستقرار تستند الى علم ( الأخلاق) بعدما انتشر الفهم الخاطىء للدين . فساعد  على خلق مساحات الخلاف الواسعة بين أصحاب الملة أو المذهب الواحد أو حتى الدين الواحد  . والتجارب كثيرة وواضحة نلمسها فى العراق ، سوريا ، ليبيا ، اليمن ، الصومال .بسبب إنتشار الأفكار المغلوطة للدين . والتى لم تجد من يتصدى لها ، بل خلقت بؤر وجماعات متطرفة أفشت ثقافة التطرف ، وتبنت العنف لمن لايتفق مع أفكارها لتشهر السلاح ضده.
فهذه مسؤولية اعلامية ، ان لم تؤخذ بعين الإعتبار من الآن فصاعداً ، فلا مكان الا للفوضى والحروب فى منطقة غنية وقادرة على نفض الغبار وتصحيح المفاهيم وبناء العقول ليعم الأمن وترفرف رايات السعادة على أرجاء المنطقة وتسير فى ركب الابتكار والنمو لصالح أفرادها والعالم معها .فالتسامح هو أداة البناء الحقيقى وتقدم الشعوب ونهضتها. أما التطرف والتعصب معول هدم .
 
 






اخر الاخبار

  • خطاب بايدن تهنئة لطالبان بأمارة اسلامية فى آسيا

    • 18/08/2021 02:06:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى مثيرا للجدل الخطاب الذى القاه الرئيس الأمريكى معلنا انسحابه من أفغانستان بعد سيطرة طالبان عليها بالكامل فى ساعات . وللحقيقة وهذه هى مسئولية الشعب الأمريكى أن يسأل ( بايدن ) عن خطورة هذا القرار وما نتج عنه وأمريكا كانت القوة التدميرية لها بعد الحادى عشر من سبتمبر وفى حربها على أفغانستان أى حربها على ( طالبان ) كانت بكل المقاييس من أقوى الحروب وتكلفة مالية لم يسبق لها مثيل ...

  • حقوق الأنسان بين الحقيقة والتصنع

    • 16/03/2021 08:16:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى كلمة " حقوق الانسان " اصبحت كلمة مطاطة عديمة للجدوى لأنها تفهم منقوصة ومجردة من أعماقها لدى المتشدقين بها . من الملاحظ انها يتم فهمها من نظرة ضيقة افقدتها أجمل المعانى التى نصت عليها القوانين الدولية التى نعترف بها . فمن قام بتجريد الكلمة من معانيها الحقيقية ، لتتحول للمنظور الضيق الذى تبناه ( رعاة عدم الفهم ) فى ظل نظام دولى ينتقى المفردات ، ويتحلل من معانيه...

  • مبادرة القاهرة للوضع فى ليبيا بداية للأستقرار فى ليبيا

    • 06/06/2020 08:47:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم محمد العطيفى استطاعت القاهرة اليوم أن تخرج بالمبادرة الهامة لخلق الاستقرار فى ليبيا وبداية الحوار بين الأطراف الليبية لأيجاد المخرج الصحيح من أزمة مدمرة عاشها الليبين تجرعوا فيها العديد من ويلات حروب وعدم استقرار . هذه المبادرة بمثابة خطة طريق للوصول الى الأمن والسلام المفقود فى ليبيا منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة وهى المخرج الوحيد الذى يجب فورا استثمارها كفرصة لن تعرض مرة اخرى بنوايا صاد...

  • الخروج من سجن الكورونا

    • 02/06/2020 06:40:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى يستعد العالم الى العودة الى ماقبل كورونا بعد أن هدد هذا الفيروس اللعين حياة البشر ؛ ليشهد عام 2020 منذ بدايته ولمدة نصف العام حالات هلع ورعب وخوف لم تشهدها البشرية الا منذ سنوات بعيدة لم تشهدها الأجيال الحالية من قبل . فكانت هناك العديد من الاوبئة والامراض التى فتكت بالشعوب سابقا منها على سبيل المثال لا الحصر الكوليرا ؛ الانفلونزا الاسبانية بالاضافة الى ايبولا والعديد من ال...

  • المحنة .. والمنحة

    • 15/04/2020 07:01:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم الاستاذة : الفة السلامى ماذا فعلت أزمة كورونا بالعالم ؟! انظروا من حولكم وتأملوا.. فجأة باريس تفقد عشاقها و رومانسيتها ؛ برج ايفيل والشانزليزيه يذرفان دموع الشوق على ثمانين مليونا من عشاقهما السائحين الذين سيهجرون محبوبتهم فرنسا هذا العام "بجنها وملائكتها"! شاهدوا ديزني لاند بين عشية وضحاها قافرة هجرها السحر والساحر.. ولومبارديا العاشقة الجريحة أضحت بلا قلب يتخاطف فيها الإيط...

  • القدس والاقصى الشريف بين التطبيع والتثقيف

    • 22/07/2019 12:10:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى التطبيع كلمة مخيفة لدى البعض من العرب ، هى كلمة تخويف وتحمل العديد من المفاهيم البالية لدى عالمنا العربى .لان جزء من افكاره أما مستقاه من الاعلام ، أو من أحاديث متداولة نتناقلها كالاساطير . عالمنا العربى كاره للعنصرية ، ويطالب بعدالة أجتماعية ، وديمقراطية وحقوق أنسان ، المدينة الفاضلة ( لافلاطون ) الا على نفسه ، لذا نحن المثاليون من خلال الرؤية الواحدة . سألت مرارا العديد...

  • القدس والاقصى الشريف بين التطبيع والتثقيف

    • 22/07/2019 12:09:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى التطبيع كلمة مخيفة لدى البعض من العرب ، هى كلمة تخويف وتحمل العديد من المفاهيم البالية لدى عالمنا العربى .لان جزء من افكاره أما مستقاه من الاعلام ، أو من أحاديث متداولة نتناقلها كالاساطير . عالمنا العربى كاره للعنصرية ، ويطالب بعدالة أجتماعية ، وديمقراطية وحقوق أنسان ، المدينة الفاضلة ( لافلاطون ) الا على نفسه ، لذا نحن المثاليون من خلال الرؤية الواحدة . سألت مرارا العديد...

  • صفقة القرن فى إجازة حتى ربيع ٢٠٢٠

    • 24/06/2019 02:48:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    تعتبر صفقة القرن هى الشغل الشاغل بين كابوس يراه البعض وآخر يرى أنه الأمل فى نهاية الصراع العربى الفلسطينى الذى تقارب من عمر يتجاوز مائة عام . وبالرغم من مبادرات للحل الا انها تقابل بالرفض أو بالتعنت من الجانب الاسرائيلى ، الذى لايرتدع بل لاتشغله القرارات الدولية فى قضية تحتاج المرونة وتقديم التنازلات من كلا الجانبين اذا كانت هناك رغبة ونية صادقة من أجل السلام الذى يرتضى به الطرفين المتنازعين ...

  • ليبيا بين الواقع وعدم رؤية للمستقبل

    • 04/05/2019 09:04:00 ص
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى قررت كتابة هذا المقال ونحن نستعد لنستقبل شهر كريم هو شهر رمضان المعظم شهر التسامح شهر الله وتلبية لرغبة العديد من الليبيين والليبيات ممن اتصل بهم من مدن شتى على الاراضى الليبية . - طال أمد الصراع فى ليبيا منذ عام 2011 ، والعالم يتمنى لها الاستقرار والعودة ليكون لها دورا فعالا على الساحة الاقليمية والدولية . لكن من الواضح انها غرقت فى آتون الحرب الاهلية منذ عام 2011 ور...

  • الى ما يسمون الاسلام السياسى ... انتهى الدرس ايها الارهابيون

    • 27/04/2019 04:11:00 م
    • |
    • رئيس التحرير

    بقلم : محمد العطيفى رغم الدروس الكثيرة التى عاشها العالم العربى ، والتى جعلت من المواطن العربى اليوم أكثر نضوجا وفهما وقدرة على التمييز بين ماهو بخس وماهو نفيس ، الا أن التيارات الاسلامية وهى تلفظ انفاسها الاخيرة على عتبة الوعى الشعبى العربى ، والذى ينتفض اليوم هم من ينفضون غبار سنوات مرت اليمة ، لم يجد فيها المواطن العربى سوى زيف ودجل اهل هذا التيار الذين كانوا يتمنوا فى يوم ما رضى الدولة...


التعليقات

اضف تعليق