كتب : أحمد عثمان
في أنتظار الإمام الذي لن يعود
عند منتصف القرن الماضي كتب صموئيل بكت – الكاتب الآيرلندي - مسرحية بعنوان "في انتظار جودو", حيث ينتظر شخصان عودة جودو المنقذ, لكنه لا يعود. ومنذ حوالي أربعين عاما ظهرت تمثيلية مشابهة في طهران – من تأليف روح الله الخميني – تبشر بعودة الإمام المختفي, لكن الستار قارب على النزول في طهران ولم يعد الإمام.
ذلك أن الفكر الإمامي الشيعي شاهد تحولا هاما بعد عودة روح الله خوميني من باريس عام 1979, تقول بأن الخميني أصبح ممثلا للإمام المختفي, يعد الطريق لظهوره ويقوم هو بدوره إلى أن يظهر.
أما فكرة الإمام المختفي فهي تعود الميثولوجيا الفارسية القديمة, التي تقول بأن شخصا اسمه "سوشيانت" سوف يعود في آخر الزمان, للقضاء على الشر بمساعدة النيران المقدسة. إذ كانت عقيدة الفرس قبل الإسلام تقوم على تعاليم الكاهن زورواستر, الذي قال بوجود قوتين تتحكمان في العالم هما: "أهورا مازدا" إله الخير و"أهرمان" إله الشر, اللذان يتصارعان بشكل مستمر دون أن يقضي أي منهما على الآخر.
وتنبأ سوشيانت بحدوث صراع كبير في آخر الزمان يهدد العالم بأكمله, يكون النصر فيه لأتباع أهورا مازدا وهزيمة أهرمان في معركة فاصلة, وعندئذ سيعود الكاهن سوشيانت (المختفي) لينقذ العالم.
وبدلا من النار المقدسة حرص ملالي ظهران على إقتناء السلاح النووي باعتباره رمزا لإله الخير, فهو الذي سيهزم الشر في النهاية, كما يتولى قاسم سليماني نشر الحروب والكوارت تمهيدا لعودة الإمام.
وفي خطاب ألقاه أحمدي نجاد – الرئيس الإيراني السابق – أمام كبار رجال الدين في طهران في نوفمبر 2005, قال نجاد إنه يعتقد بقرب ظهور الإمام الغائب - أبو القاسم محمد الذي اختفى عام 941 - وأعلن أن: المهمة الرئيسية لثورتنا الإسلامية هي تمهيد الطريق لظهور الإمام المهدي الثاني عشر.
ثم قام نجاد بإنتاج فيلم وثائقي باسم "ظهور إمام الزمان بات وشيكا", تبدأ أحداثه على أثر وفاة حاكم عربي ونجاح ثورة إسلامية في مصر واليمن, بعدها تعلن إيران عن سقوط الأنظمة العربية وبدء حكم الإمام المهدي للعالم من طهران. كما تحدث الفيلم عن اقتراب الوقت الذي سيسيطر فيه المسلمون – بقيادة طهران - على العالم بأكمله, بفضل قوة إيران وحزب الله اللبناني. وينتهي الفيلم بظهور أحمدي نجاد مع حسن نصر الله وهما يقودان زحف الشعوب الإسلامية على مدينة القدس, وظهور إمام نهاية الزمان وبدء يوم القيامة والحساب.
ورغم مرور اثنين وأربعين عامام على استيلاء الملالي على الحكم في إيران, فلم يظهر الإمام المختفي حتى الآن, ولم يعد الملالي يتحدثون عن قرب ظهوره.
وبعد سنوات من إنهيار الأوضاع الإقتصادية وتدني الخدمات الصحية في إيران, لم يعد الشعب مستعدا لتحمل الفقر والجوع – بل والعطش كذلك – حتى يتمكن الملالي من انتاج السلاح النووي. وخرجت الجماهير في محافظة خوزستات في جنوب غرب إيران, تهتف بسقوط نظام الولي الفقيه. ورغم قوع البسيج والحرس الثوري للمتظاهرين, فقد بدأت حركة التمرد تمتد إلى محافظات أخرى في إيران, تطالب بحقها في الخبز والماء, بدلا من تخصيب اليورانيوم انتظارا لعودة الإمام, الذي لن يعود.