غمرتني الفرحة في أعقاب الإعلان عن الاتفاقيات الإبراهيمية التي تضم الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
هذه الفرحة ليست على المستوى الوطني فحسب، بل هي فرحة مضاعفة تخص كل يهودي تمتد جذوره في الدول العربية.
من الطبيعي والبديهي أن كل إنسان تعود أصوله إلى دولة ما، يكون همّه الكبير تقريب وجهات النظر بين دولة المنشأ والدولة التي يعيش فيها، كالطفل الذي يرغب بالتصالح بين الوالدين.
حين كان عمري 8 سنوات، تم التوقيع على اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.
كنّا نشاهد آنذاك الزيارة المؤثرة التي قام بها الرئيس المصري، أنور السادات، إلى أرض الوطن. كطفلة شعرت بالفرح العارم لدى الأهل والأجداد بهذا التطوّر التاريخي، الذي غرس الأمل في القلوب على أن يحذو بعض الزعماء العرب حذو السادات.
لكن، للأسف، هذا لم يحدث.
بعد السلام مع مصر، جاء سلامنا مع الأردن، الذي أصبح أيضا، ومع بالغ الأسف، سلاماً باردا بين زعماء وليس سلاماً دافئاً بين الشعوب.
اليوم، ولله الحمد، دخلت وسائل التواصل الاجتماعي على الخط، وصنعت المعجزات في تواصلنا مع الشعوب العربية. لا شك أنّ سلامنا مع الإمارات والبحرين يختلف عن اتفاقات السلام السابقة، لكونه سلام على المستوى القيادي والشعبي على قدر سواء، أيّ سلام بين الناس ومع الناس.
كانت لي هذا الأسبوع فرصة سعيدة أن ألتقي بأعضاء الوفد الإماراتي والبحريني الذي زار البلاد. حتى هذا اللقاء، كنت أعرف بعض هؤلاء الشباب عن طريق لوحة المفاتيح، ولكنه، وبكل تأكيد، لا بديل عن اللقاء الحميم وجهًا لوجه.
لقد شعرت كم نحن اليهود العراقيين قريبين منهم من ناحية اللهجة والعقلية، وتذكرت بجيل الأجداد الذي لم يحالفه الحظ بمشاهدة هذه المتغيرات الهائلة.
شارك أعضاء الوفد الشباب في مراسم إيقاد شموع عيد الأنوار في حائط المبكى، وبدون شك، هم نوّروا الحائط ، وأثروا القلوب في خضم هذا العيد المبارك.
هذه الزيارة تزامنت مع الخبر السار عن استئناف العلاقات مع المغرب.
لقد استقبل أبناء الجالية المغربية في إسرائيل هذا الخبر بفرحة عارمة في معاقلهم، ولا يسعني إلّا أن أغار بهم، نظرا لصعوبة تحقيق سلاماً مماثلاً مع مسقط رأس أبائي وأجدادي، العراق.
نعلم بوجود أصوات في العراق ترغب بتطبيع العلاقات، إلى جانب أصوات مناهضة له.
ونعلم أيضاً أنّ الواقع العراقي يختلف عن الواقع المغربي والخليجي.
ومع ذلك، نحن يهود العراق لن نفقد الأمل.
أنا أؤمن بجيل الشباب. جيل الشباب هو الجيل الصاعد، واليوم الشبان العرب، كما أنا أراهم من خلال تكاتبنا على منصات التواصل، منفتحين على العالم، مدركين للمتغيرات الإقليمية والدولية وراغبين باستقرار بلدانهم وبتقدّم أوطانهم، بعيداً عن الشعارات القومجية التي أثبتت فشلها وعدم صمودها أمام الواقع.
أتمنى مجئ المزيد من الوفود لزيارتنا، لمعرفة الحياة في إسرائيل عن قرب، لأنّ واقع الحياة في بلادنا مختلف تماما عمّا نراه ونسمعه في الإعلام.
من المؤكد أنّ هذه الاتفاقيات الإبراهيمية المباركة جعلت إسرائيل جزءاً لا يتجزأ من معسكر الاعتدال في المنطقة. هذا تطوّر لا يستهان به، وبإذنه تعالى، قد يمهد الطريق نحو انضمام المزيد من الدول العربية والإسلامية إلى معسكر السلام.