أدب الفراق وسياسة الانفصال
-
09/09/2020 06:47:00 ص
- |
- آراء و كتاب شباب
كتبت : سميرة طباسى
في البداية تظهر المشاعر، وفي النهاية تظهر الأخلاق، تظهر عند وبعد الفراق.
أدب الفراق ثقافة غائبة، والدليل أروقة المحاكم، وحالات الطلاق، وترك الجيران، وانفضاض الصداقات، الفصل من العمل، البعد بعد الحب، .... إلخ.
أدب غائب ضمن آداب كثيرة غائبة، لا تقيم له التربية ولا روافد الثقافة في مجتمعاتنا وزنا، يرى كل شخص ينفصل عن آخر، أنه محق وأن الآخر مسيء، لم نتعلم قاعدة: تحدث معي بدل أن تتحدث عني.
المصارحة، تلطيف للجرح، إذا جرحت، عليك أن تداوي ما استطعت، قد تضطر لقطع علاقة لأي سبب من الأسباب؛ فسعادتك مقدمة على سعادة الآخر؛ في النهاية إن كنت تعيسا في علاقة، فسوف تتعس من معك، وسوف تبتعد طال الأمر أم قصر، لذلك رأيت أن البعد من البداية أفضل.
تصرف صحيح بلا شك، فالرجوع من منتصف الطريق، أفضل بكثير من الرجوع من آخره، ولكن في هذه الحالة، ما وضع الطرف الآخر؟ تلقي به على قارعة حياتك دون لفتة، دون تبرير، دون جلسة مكاشفة ومصارحة، قائلا: دعه يفهم من نفسه؟!
هذا تصرف جبان، حتى لو كنت خائفا من ردة فعله، تتوقع عنفا، قد يصل لبدني، ولكن عليك التحلي بالشجاعة وبأسلوب الحوار، وغالبا لن يكون الطرف الآخر عنيفا كما تتوقع، بل كثيرا ما فاجأ الطرف المتخلى عنه المتخلي، بكرم وسماحة وتفهم، لم يكن الأول يتوقعها.
الحقائق للعقلاء والتوقعات للحمقى، لا تترك الثانية تجعلك تبتعد فقط، وتتركه يضرب أخماسا في أسداس، تتركه عرضة لتدخل هذا وذاك في علاقتكما، يضيف إليها من يضيف، وينتقص منها من ينتقص، لقد بدأت العلاقة برغبة قد تصل إلى اللهفة، فلماذا لا تنتهي بكرم ورقي؟!
الطرف المُهمَل سوف ينكسر فيه شيء ربما لن يجبر مرة أخرى، سيتعامل مع الآخرين بهذا الجرح، وقد يجرح كما جُرح، فتكون أيه الجبان السبب.
تأكد أن المصارحة لن تحميه من الألم، ولكنها ستخففه كثيرا، أن يسقط شخص من الدور الأول، أرحم بكثير من أن يسقط من الثاني.
العلاقات الصحية لا تُحكم بالمحبة أو بالكره، بل بالاحترام، إنه العمود الفقري لأية علاقة ناجحة، راجع علاقاتك مع من حولك، لن تجدها كرها أو حبا.
كن محترما ولا تترك علاقة معلقة، ضع نفسك مكانه، هل ترضى أن تكون في هكذا وضع؟ أم ترغب بقوة أن تصل قدماك إلى أرض؟