مصر بين الإرهاب والشاكوش
-
13/02/2020 10:39:00 ص
- |
- آراء و كتاب شباب
كتب : محمد محمود عيسى
لا يمكن أن ننكر مدى قسوة وبشاعة الهجمات الإرهابية الخسيسة التي تتعرض لها مصر من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة ، والتي يستشهد فيها خيرة شباب مصر الأبطال ، الذين يدافعون عن مصر ويفدون بأرواحهم الطاهرة حاضر ومستقبل مصر ، ولا شك أن هذا الأرهاب الأسود اللعين يريد أن ينال من مصر الحضارة والتاريخ يريد أن يوقف مصر عن تقدمها ونهضتها وتنميتها الحديثة التي ستعود بالخير والرخاء على شعب وستنقل مصر إلى آفاق العالم الحديث المتقدم وكلما ظهرت بوادر هذا التقدم ووضعت مصر أقدامها على طريق التنمية وزادت في ونهضتها وترسخ استقرار وتماسك شعب مصر العظيم كلما حاول هذا الإرهاب اللعين أن ينال من كل ذلك يريد هذا الإرهاب أن يعود بمصر إلى عصور وسنوات ماضية يريد الإرهاب أن تظل مصر متأخرة متخلفة جاهلة مريضة فقيرة لكي يحقق من خلال ذلك مصالح الدولة الصغيرة الكارهة لمصر والحاقدة على استقرارها وتقدمها ونهضتها ، ولكن هذا الإرهاب اللعين الذي يحاول أن يزرع اليأس والإحباط بين صفوف الشعب المصري من خلال اغتياله لخيرة شباب مصر من ضباط وجنود ورجال الجيش المصري العظيم وشرطته المدنية يقابله في الناحية الأخرى إرهاب آخر لا يقل ضراوة وقسوة وفتكا بشباب مصر عن إرهاب الجماعات المتطرفة هذا الإرهاب المقابل هو إرهاب ظاهره الفن وباطنه الجهل والتخريب والقضاء على ملامح الذوق العام والحياة الفنية الراسخة في مصر ، ظاهره التجديد في مجال الغناء والفن وياطنه القضاء التام على قوة مصر الناعمة في مطربيها وأغنياتها العظيمة التي تغنت بها كل شعوب المنطقة العربية باطنه محاربة شباب مصر وفرض واقع جديد من الإسفاف والعطن الفني من خلال بعض الرموز الصغيرة الفارغة التي تقدم للشباب كل مشاهد القتل والبلطجة والفوضى من خلال المشاهدة ومن خلال الأغنيات التي تقدم خلال هذه الأفلام والتي تتناول العنصرية والأنا والغناء حتى للفيروسات والمافيا .
هل يمكن أن تتحول مصر العظيمة الشامخة بفنها وممثليها إلى هذا التدني في الطرح وهذا الضعف في الأداء ؟ هل يمكن أن تهوى مصر من مكانتها وهي تجلس أعلى المنارة تقدم للعالم الرقي والفن والقدوة والحضارة والتنوير إلى غناء المهرجانات الهابط المسف الوضيع الذي يدعو ويقدم الخمور والحشيش للشباب المصري . هل يمكن أن تهبط مصر من مكانتها وقيمتها وقامتها العظيمة بأغنايتها التي علمت العالم العربي كله الحب والمشاعر والأحاسيس إلى بنت الجيران والمهرجانات الهابطة ؟ هل تتساوى مصر عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم مع كزبرة وبيكا وشاكوش ؟ هل يعقل أن يكون هذا هو وجه مصر الحقيقي الذي نقدمه لشبابنا وأطفالنا والعالم من حولنا ؟ هل وصلنا إلى مرحلة فرض الأمر الواقع بالاستسلام لهذا الموجة الكريهة الفاسدة من الأغاني الهابطه المبتذلة المتدنية وكأنها هي التي تعبر عن واقع مصر الحالي ؟ هل تنازلنا طوعا أو كرها عن ماضينا وتراثنا وحضارتنا وفننا الراقي العظيم مقابل هذه الحفنة من الدخلاء والإرهابيين على فننا وغناءنا ومستقبلنا وشبابنا والذين يريدون أن يختطفوا مصر إلى المجهول ويغتالوا كل ما تبقى من قوة مصر الناعمة .
إن الذي يحدث الآن في مجال الفن لا يمكن أن يستمر ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطغى على الحياة العامة في مصر ولا يمكن قبوله كأمر واقع مهما قدم من مبررات ومهما سانده المغرضون والكارهون والمغيبون لا يمكن أن يكون هذا الفن المبتذل الهابط هو صورة مصر الحقيقية التي نقدمها لشبابنا الذين سيقودون مصر في المستقبل القريب ولا يمكن أن تكون هناك نهضة حقيقية في مصر بدون أن تكون هذه النهضة على جميع الأصعدة وفي كل المجالات سواء كانت في مجال الاقتصاد أو الصحة أو التعليم أو الفن ولا يمكن في مثل هذه الظروف الدقيقة والخطيرة التي تمر بها البلاد أن يقل دور وزيرة الثقافة عن دور وزير الدفاع وزيرة الثقافة التي يبدو أنها لا تقدر ولا تدرك مدى خطورة منصبها ودورها الخطير والحقيقي في الحفاظ على هوية مصر الثفافية والفنية
إن الهجمات الإرهابية الفنية الخطيرة التي تتعرض لها مصر في هذه الأيام تستوجب من الجميع أن يتصدى لها بكل عنف وحزم تتصدى لها الدولة من خلال أجهزتها ومؤسساتها المختلفة التي من شأنها أن تحمي وتحافظ على ماضي وحاضر ومستقبل مصر الفني يتصدى لها المجتمع من خلال الرفض التام لهذه النوعية الهابطة والرديئة من الفن والذي لا يعبر عن حال ولا صورة المجتمع المصري الراقي المتحضر الذي نشأ وتربى على القيم والمثل والأخلاق والدين والعادات والتقاليد والذي تشكل وجدانه من خلال تراثه الفني الراقي العريق
إن هذا الإرهاب الفني الهابط الأسود الذي يغتال الذوق العام في مصر ويقدم للشباب القدوة والمثل الهابط الجاهل القبيح لهو أشد خطرا على مصر من إرهاب القتل والتفجير والتدمير إرهاب القتل والتدمير قد يقتل واحدا أو مجموعة قليلة من الأفراد أو يدمر مبنى أو يفجر دارا للعبادة أما إرهاب الفن الهابط القبيح فهو يغتال جيلا كاملا بكل مقوماته ومكوناته يغتال مستقبلا بأكمله لبلد تكاد تضع طريقها على أبواب العلم والتقدم والتنمية الحقيقية يغتال ماضيا عريقا راسخا منيرا قاد العالم والعربي وقدم إليه أجمل ما يكون الغناء والفن والإحساس والمشاعر والقيم والأخلاق
إن هذا الإرهاب الفني الأسود القبيح سيفرز لنا جيلا مشوها في تكوينه ومشاعره وأحاسيسه سيقدم لنا جيلا ضاعت الرؤية والقدوة والمثل أمام عينيه وترسخت أمامه بدلا من صور العلماء والأدباء والفنانين العظماء ترسخت أمامه صور الشاكوش والكزبرة والبيكا والفيروس
إننا أمام هجمة فنية ثقافية شرسة خطيرة تتعرض لها مصر بكل مكوناتها وبكل مفرداتها وبكل ما تملكه من آمال وطموحات نحو مستقبل قوي مشرق يعود بمصر إلى النهضة والريادة ويأخذ بيد مصر إلى أن تتبوأ مكاتنتها كما كانت في الماضي تقود العالم العربي وتساهم في تشكيل ثقافته ورسم وجدانه وذلك من خلال تقديم وترسيخ هذه النماذج التي لا تمت للفن المصري العظيم بصلة
إن ما يحدث الآن يدق ناقوس خطر عظيم تجاه ما تتعرض له مصر في شبابها وثقافتها وهويتها الفنية والثقافية وهذا يدعو وبسرعة إلى أن تتضافر كل الجهود المصرية وعلى مختلف الأصعدة لكي تتوحد جهود الدولة المصرية متمثلة في مؤسساتها الرسمية من أعلاها إلى أدناها للوقوف في وجه هذا الخطر الداهم الذي يهاجم في مصر في شبابها ومستقبلها ... هذا الخطر الفني يفرض على الدولة المصرية أن تقدم رؤية ثقافية حقيقية عاجلة تمثل تراث وثقافة ومستقبل مصر الجديد الذي نتمنناه جميعا لمصر . يفرض على الدولة أن تعيد صياغة وتقديم هويتها الثقافية والفنية الجديدة بما يتماشى مع ثقافة العصر الحديث الذي تقوده مصر داخليا وخارجيا . يفرض على الدولة أن تولي الاهتمام الكبير لوزارة الثقافة كما توليها لوزارة الدفاع وكما تعمل الدولة المصرية على تحديث جيشها وتزويده بمختلف الأسلحة القوية الحديثة وتعمل على رفع تصنيفه عالميا وسط جيوش العالم كذلك يجب أن تعمل الدولة المصرية الحديثة على تزويد كل روافد الثقافة والفن والمعرفة في مصر بكل ما هو عصري وحديث وأن تعمل على رفع تصنيف مصر الثقافي والمعرفي والفني إلى مراكز العالم المتقدم . تحتاج الدولة المصرية الحديثة إلى تقديم مشروع ثقافي كبير يليق بمصر الماضي والمستقبل تتضافر فيه كل جهود الدولة المصرية ويعمل هذا المشروع إلى إعادة مصر لكي تتبوأ مكانتها الحقيقية وتقود العالم العربي في مشروع نهضة ثقافية ومعرفية عالمية
إن ما يحدث على أرض مصر من تنمية عمرانية حديثة راقية ومدن جديدة ومشروعات صحية وتعليمية واجتماعية وعسكرية بما يمثل نهضة مصرية حديثة لا يمكن أن تكون هذه النهضة صحيحة وقوية مالم يصاحبها نهضة وتنمية تقافية وفنية تواكب وتتماشي مع هذه النهضة العمرانية الحديثة مشروع حضاري متكامل يرتقي بمصر إلى آفاق التقدم والحضارة والثقافة والمعرفة وأول هذه المشاريع العظيمة مشاريع بناء الإنسان ذلك البناء الحقيقي الذي سوف يستمر ويحمي البناء المعماري الحديث عند ذلك نكون قد قدمنا مشروعا إنسانيا راقيا متكاملا ودافعنا عن مصر المستقبل من خلال تقديم الوجه الحضاري الحقيقي الذي يليق بمصر وحصنا المجتمع المصري من هجمات التتار الفني الذي يريد أن ينقض على مصر ويحرمها من تراثها ويشوه ماضيها ويدمر مستقبلها