الكرسي الملعون سبب الخراب
-
27/10/2019 02:19:00 م
- |
- آراء و كتاب شباب
بقلم : عرفان نظام الدين
كان يحلو للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي ان يجد تفسيرات مضحكة وترجمات غبية لكلمات تتعلق بالسلطة لتبرير التفرد بالحكم والبقاء الى الأبد لكنه دفع الثمن غاليا عندما تم قلبه وقتله بطريقة عنيفة . فقد وجد القذافي ترجمة عجيبة لكلمة الديموقراطية او democracy بالانكليزيّة وهي ديمومة الكراسي لكنه لم يتمتع بهذه الديمومة ولا حتى التمكن من الجلوس على الكرسي بسبب " الخازوق " الذي اخترقه؟؟!
وبعيداً عن ممارسات القذافي وغيره التي تدخل في خانة المضحك المبكي فان هذه المعضلة هي التي أوصلتنا الى حافة الانهيار والخطر لان من كان يصل الى منصب من قمة الهرم الى قاعدته يعمل المستحيل لكي يدوم له ويلتصق بالكرسي الملعون الذي سبب كل هذا الخراب..
ولم نجد تفسيراً لهذه المصيبة في العالم العربي وبعض الدول الديكتاتورية الا الجشع وتغلب شيطان السلطة والمال المتمم لها بعيداً عن القيم والاخلاق والقناعة والايمان بمبدأ :" لو دامت لغيرك ما وصلت اليك" .
وهكذا توالت على العرب الكوارث والانقلابات والثورات الإضافة الى الحروب التي ماكانت لتقع لو كان هناك تداول للسلطة وتغيرت القيادات لترحل معها العداوات والنزاعات والأخطاء والخطايا والمزاجات الشخصية .
وهذه الافة التي عرفناها منذ مئات السنين تعود لعدة اسباب بينها الجهل وغياب الوعي والطمع وإساءة استخدام السلطة واللجوء للقوة لفرض الامر الواقع اضافة الى افة اشتهرنا بها وهي عبادةالفرد او الزعيم وتأليه الشخص.
ومن عاش في الدول الديموقراطية او تابع أحداثها لابد وان يعجب بعملية انتقال السلطة من رئيس الى اخر وفق نظام انتخابي نزيه وشفاف وبكل يسر وسهولة ورضوخ الطرف الخاسر لارادة الشعب ونتائج صندوق الاقتراع والفوز ولو بواحد بالمئة .
وأعطي مثلاً على ذلك المرأة الحديدية مارغريت ثاتشر رئيسة الحكومة البريطانية التي عرفتها وأجريت معها مقابلة وهي في أوج قوتها ونفوذها لتحكم العالم وليس بريطانيا فحسب .وعندما حانت ساعة رحيلها عن الحكم تامر عليها اقرب الوزراء لهاورضخت وغادرت مقرها في 10 داوننغ ستريت والدمعة في عينيها لتتواري عن الأنظار وتدخل في عالم النسيان .واجتمت بها قبل رحيلها وكانت وحيدة لا حرس لديها ولا جاه ولا كنوز وثروات.
واختم مع درس من رئيس الوزراء البريطاني السابق وهو هارولد ولسون فقد سئل عن اسباب استقالته المفاجئة على رغم تمتعه بشعبية واسعة فاجاب بكلمات قليلة معبرة : "لم يعد عندي شيء جديد اجيب به على أسئلة الشعب" وهكذا ختم الزعيم البريطاني الشهيرتاريخه السياسي بدرس بليغ عن اُسلوب ممارسة الحكم والمعارضة . فقدعرف حده ووقف عنده وسلم الأمانة لمن يملك اجوبة شافية ويحمل معه سياسة جديدة تعمل على حل المشاكل ومواجهة الازمات.
وما يجري في لبنان هذه الايام يعود في جانب منه الى هذه الافة التي يورث فيها حكم الشعب للابن والحفيد والصهر والأزلام .؟؟