إحتجاجات يهود إثوبيا – ممارسة حق ديمقراطي لإعلاء قضايا إجتماعية
-
19/07/2019 04:36:00 ص
- |
- شباب العرب
بقلم : سمدار العانى
تشهد إسرائيل منذ بداية هذا الشهر إحتجاجات لأبناء الجالية الإثيوبية الذين يشكلون حوالي 1.7% من مجمل سكان الدولة. تأتي هذه الإحتجاجات على خلفية مشاكل إقتصادية وإجتماعية ناجمة عن الفجوة العميقة بين الحياة في إسرائيل والظروف المعيشية في دولة المنشأ، خصوصا فيما يتعلق بالجانب التربوي والتثقيفي.
لو ننظر إلى الأرقام، نلاحظ بتحسن هائل طرأ على مستوى حياة مواطني البلاد من أصل إثيوبي خلال العقد الأخير، خصوصا فيما يتعلق بمستوى دخل الفرد، وبعدد العاملين في المناصب الحكومية.
فلماذا، إذن نشهد هذه الإحتجاجات؟
لا شك أنّ سببها هو نص الكأس الفارغة، الذي يصعب على مشاهدة نصف الكأس الممتلئة ، خصوصاً أنّ الفجوات على المستوى الثقافي والإجتماعي لا تزال موجودة بقوة بين اليهود الإثيوبيين وباقي المجتمع الإسرائيلي.
لنرجع سبعين عام إلى الوراء، حيث قدم إلى البلاد يهود الدول العربية بعد أنّ حوّلتهم الأنظمة العربية أنذاك إلى كبش فداء في أعقاب قيام دولة إسرائيل. لقد قدموا إلى البلاد بعد أن فقدوا أموالهم وممتلكاتهم التي تمت مصادرتها من قبل السلطات والأنظمة، وإضطروا بدء حياة جديدة من نقطة الصفر.
لقد عاش يهود الدول العربية في الأيّام الأولى للدولة في "المعباراة" وهي نفس الخيمة التي نشهدها اليوم في مخيمات اللاجئين، ولكنهم، رغم المعاناة الشديدة، نجحوا بعد 3-4 عقود بتقليص الفجوات الاقتصادية والإجتماعية قياسًا باليهود الأوروبيين، وقد نشأت على مرّ السنين طبقة وسطى واسعة تضم اليهود الشرقيين والأوروبيين على حد سواء تشكل اليوم السواد الأعظم من المجتمع الإسرائيلي.
حقق اليهود الشرقيين قفزة نوعية بفضل إجتهادهم، مثابرتهم وعدم تبني ثقافة المسكنة، وقد وضعوا بصماتهم في كل مجالات الحياة بما فيها السياسة، حيث تم تعيين أكبر عدد من الوزراء الشرقيين في حكومة إيهود أولمرت (2006-2009)، وفي أعقاب انتخابات 2009 كان عدد أعضاء الكنيست الشرقيين يوازي حجمهم في المجتمع.
هذه الحقائق، إن دلّت على شيء، فهي تدلّ على أنّ التغيير لا يتم صناعته بين ليلة وضحاها، خصوصا إذا نأخذ بالحسبان الفجوات في مستوى التعليم التي تشكل عاملا معيقاً لتقدّم يهود إثيوبيا في البلاد، خلافاً ليهود مصر والعراق مثلاً الذين قدموا إلى البلاد وهم مثقفين بمعظمهم، بعد أن حصلوا على تعليم بمستوى عالٍ في المؤسسات التعليمية في بلدان المنشأ.
في إعتقادي وبإعتقاد الكثيرين في الداخل والخارج، قطعنا طريقاً طويلاً خلال السبعين سنوات الأخيرة، لكن هناك بعض الأمور التي يجب تحسينها وتصحيحها، والطريق لا يزال طويلاً.
في المقابل، لا يوجد أيّ مجتمع بالعالم يتمتع بحياة وردية، وأنا شخصياً أعتز أن أعيش في دولة لا يخفي مشاكلها وتتعامل مع هذه المشاكل بالمكاشفة الكاملة، والمحاسبة بلا تردد.