يارب بنت
-
13/07/2019 08:27:00 ص
- |
- آراء و كتاب شباب
بقلم : سميرة طباسى
أنجبي فتاة، تقوم على خدمتك.
بلغ السيل الزُّبا من هذه الجملة التي يكررها الكثيرون، خاصة النساء، فرأيت أنه لا مفر من الكتابة عن الأمر، في محاولة لمواجهة هذه الفكرة التى لها مردود سلبى على الاسرة والمجتمع،مازالت هى الضاربة بجذورها بقوة في مجتمعاتنا.
المركز الأول، تحصل عليه الأم في العالم الثالث وبجدارة، في تفضيل الذكر على الأنثى، (الأم هي رأس الحية)؛ إذ عندما ترزق بالذكر تراه مصدر قوتها، وإثبات جدارتها أمام الزوج وأهله، بل والمجتمع، وتذكرة لفعل أشياء لم تكن لتفعلها لو لم يأتي ولي العهد، وكأن الأمر بيدها، وكأن هناك عهدٌ بالفعل!
اعتبار الفتاة خادمة، هي مشكلة تصل في حالة الكثيرات إلى المعاناة، وربما المأساة، هي تخدم العائلة، أو على الأقل أخوها، الذي يُربى سيدا، يرفض أن يُعِد لنفسه كوبا من الشاي، فيعيش (دلوع أمه) ملكا مخدوما، بل ويطلب من زوجته أن تخدم أمه وكأن هذا واجبها، مع أن المفروض أن (يهز طوله) ويقوم هو بذلك لو تنازل قليلا عن سيادته المكتسبة.
كم هو عدد الجمل التي تقال للفتاة، والتي تحمل معنى، أنها لم تخلق سوى لخدمة الآخر؟ بالإضافة إلى الإهانة والضرب أحيانا.
فتنشأ ضعيفة ومكسورة، لا تأخذ موقفا إذا ما ظُلمَت من زوج، أو من قريب أو من مدير، أو من أي شخص، كيف تفعل وقد بُرمِجت على عكس ذلك!؟ والأدهى هو تعرض أم إلى سوء معاملة، من ذلك الابن الذي دللته يوما من الأيام.
المجتمع أيضا يساهم في هذه المهزلة، ولكن الاكثر قساوة ويصل الى ظلما بعينه هو بعض القوانين في العالم الثالث، التي تتعامل مع الأنثى بهذا الشكل، قوانين وضعها وطبقها وما زال يطبقها ذكور، بعيدون كل البعد عن العدل.
كم تساءلت عن موقف المحامين الشرفاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان من هكذا قوانين، والذين من الواضح أنهم لم يستطيعوا تغيير شيء منها، - هذا في حالة كونهم حاولوا-
يدرك الجميع، أن معظم البنات يتحولن إلى أمهات، إلا أن هذا الإدراك يساوي عدمه في المجتمعات المتخلفة في ظل ما سبق، ثم يأتي من يستغرب مما يصدر من بعض الزوجات من انحراف وجرائم وخيانة وإهمال للأطفال أو سوء تربيتهم، بل وارتكاب الجرائم ضدهم.
هل تصدر من الأم!؟ نعم، تلك الكلمة التي من مرادفاتها الحنان بكل أبعاده، لذلك أصر على أنها هي رأس الحية؛ أليست هي من تُربي الذكر والأنثى على هذه الفكرة القذرة؟
لا شك أن من تعرضت لهذا الظلم، تنشأ غير واثقة في نفسها، وتنظر لابنتها بنفس النظرة، ولكن لا أرى سببا لعدم كسرها لهذه الدائرة؛ سوى جبنها وتخاذلها عن التغيير، وقد نالت قسطا من التعليم، وتطلع على ما لم تطلع عليه أمها وجدتها من قبلها، بفضل التكنولوجيا.
ولا بأس أن تكوني رأس الحية، في صناعة (الصح) في حياة أبنائك.