الشرق تريبيون - نقلا عن لوفاغيرو الفرنسية
مقابلة وزير الخارجية الفرنسي مع صانعة الأخبار في صحيفة لوفيغارو ” إيزابيل لاسيري “
بعنوان : باريس تريد الحصول على وقف لإطلاق النار وإعادة بدء المفاوضات بشأن إجراء الانتخابات.
إلى نص الحوار
س – لماذا فرنسا معنية بليبيا ؟
ج – لو دريان .. أولاً ، لمكافحة الإرهاب ، هذا هو هدفنا الرائد في المنطقة ، وقد ظل لفترة طويلة ، لأنه خلال عملية فرنسا في مالي سنة 2013 ، أدركنا أن معظم الأسلحة كانت قادمة من ليبيا وأن العديد من المجموعات – بدءًا من القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي – لديها قواعد هناك ، علينا أن نتذكر بأن تنظيم القاعدة هيمن على بنغازي حيث قُتل كريس ستيفنز ، السفير الأمريكي عام 2012 ، ثم تسلل داعش إلى البلاد.
في مقابلة لي مع ” لوفيغارو ” عام 2014 ، حذرت من مخاطر الإرهاب وإمكانية تأسيس داعش محلية في ليبيا وهذا بالضبط ما حدث ، احتل داعش عدة مدن ليبية ، وفي وقت ما هدد التنظيم بالاستيلاء على موارد البلاد النفطية .
العديد من الهجمات التي نفذها الجهاديون بالمنطقة في السنوات الأخيرة مثل هجوم متحف باردو الوطني في تونس عام 2015 وإعدام 21 مسيحيًا قبطيًا في نفس العام بسرت ، وهجوم مانشستر أرينا ببريطانيا في 2017 كانت لها صلات بليبيا .
س هل إنتقل الجهاديون إلى ليبيا بعد سقوط تنظيم الخلافة داعش في الشام ؟
ج – بالطبع .. بكل تأكيد وصل جهاديون من سوريا إلى المدن الليبية وخاصة في سرت وصبراتة البعض الآخر منتشر في جميع أنحاء البلاد وعلى الرغم من هزيمته في سوريا ، ما زال داعش يدعي بأنه يقف وراء هذه الهجمات ويجب ألا نقلل من هذا التهديد.
س – ما هي الأسباب الأخرى لكي تكون فرنسا معنية بليبيا ؟
ج – علينا أن نضمن أمن البلدان المجاورة مثل مصر وتونس فهي ضرورية لاستقرارنا حيث تمثل الفوضى في ليبيا خطراً كبيراً عليها وعلينا منع إنتقال عدوى هذه الفوضى ، كما أننا كنّا نشطين بالفعل في مكافحة الاتجار بالبشر ، بما في ذلك أسوأ أنواع الاتجار ، لقد أصبحت ليبيا مفترق طرق للمخاطر والتهديدات.
أخيرًا نحن وكمشاركين في التدخل العسكري لعام 2011 ، ولأنه لم يكن هناك متابعة سياسية لما بعد سقوط القذافي ، فإننا نتحمل نوعًا من المسؤولية في هذه الأزمة ناهيك عن أن فرنسا عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يعطيها مسؤولية خاصة في الأزمات الدولية الكبرى.
س – خلال لقائكم الخاص مع المارشال حفتر في بنغازي يوم 19 مارس الماضي ، هل تحدثت عن الهجوم العسكري الذي كان يستعد لشنه في طرابلس؟
ج – على الاطلاق .. ولم يكن هذا هو الهدف من زيارتي ، لقد ذهبت للتأكيد من جديد على دعم فرنسا والرئيس ماكرون لاتفاق أبو ظبي وهي العملية الانتقالية التي تم الاتفاق عليها في أوائل هذا العام والتي كانت من المفترض أن تؤدي إلى الانتخابات.
أكدت مرارًا وتكرارًا لفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني وخليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري بعد هاذين الحوارين ، لاحظت أنه وعلى عكس توقعاتنا فقد وصل الوضع إلى طريق مسدود وكان كل منهما يتردد في إتخاذ خطوات حاسمة.
س – لكن هل شعرت بوجود زخم أو تجهيز عسكري معين من وجهة نظر حفتر ؟
ج – لا. في الحقيقة في جميع المحادثات التي أجريتها معه ، ذكرته دائمًا كل ما نفذ صبره بالحاجة إلى حل سياسي ونحن نعتقد أنه جزء من الحل ، حفتر ليس قائداً عسكرياً خرج من العدم ، لقد نال الموافقة على عمليته لمكافحة الإرهاب سنة 2014 من قبل البرلمان والحكومة التي تم الاعتراف بها دوليًا في ذلك الوقت ( الحكومة المؤقتة ) والتي كانت موجودة قبل اتفاقية الصخيرات الموقعة في ديسمبر 2015 .
لقد تحدث معي دائمًا عن رغبته في وجود سلطة مدنية يخدم معها بمجرد إجراء الانتخابات وكان دور المجتمع الدولي هو التأكد من أنه سيفي بوعوده عندما يحين الوقت وهذا هو السبب أيضًا في إصرار فرنسا على إجراء الانتخابات منذ عامين.
في الوقت الحالي ، لا يمكن لأحد أن يدعي أنه يحمل تفويضًا من الشعب الليبي وهذا أحد الأسباب الرئيسية للأزمة الحالية.
س – ما الذي أجبره على الشروع في هذه المغامرة العسكرية المتعثرة حتى الآن ؟
ج – أتصور أنه يعتقد أن الوقت لم يكن إلى جانبه ربما كان يشجعه أيضًا الترحيب الحار الذي تلقاه في جنوب البلاد حيث عانى السكان من الاتجار بالبشر والجهاديين والمهربين ، ألاحظ أيضاً أن الإفتقار إلى المنظور السياسي أدى إلى بعض الجمود من جانب السراج وعدم الحذر من جانب حفتر ، نحن دائماً نعود ونؤكد على نفس النقطة : بدون إنتخابات لا يمكن لأي ممثل ليبي أن يدعي أنه شرعي بالكامل.
س – كيف تفسر عدم نجاح تحركه العسكري حتى الآن ( عملية الجيش في طرابلس ) ؟
ج – لأن الميليشيات التي كانت منتشرة تجمعت وشكلت جبهة مناهضة لحفتر ، المقاتلون في غرب ليبيا يناهضون حفتر أكثر من تأييدهم للسراج ، كما يثير هذا في الوقت نفسه سؤالًا يتعلق بالغموض الذي تبديه بعض الجماعات المرتبطة بالإسلام السياسي تجاه الجماعات الجهادية .
لقد دعا الاتحاد الأوروبي الجميع إلى الإبتعاد على الأرض عن الجماعات والأفراد الذين حددهم مجلس الأمن كمجموعات إرهابية.
س – أخيرًا ، هل كان دعم المرشال حفتر فكرة غير جيدة؟
ج – سأترك الفرصة لكِ لتكوني القاضي .. يسيطر الجيش الوطني الليبي على جزء كبير من الأراضي وفي معسكر خصومه يوجد بين المليشيات مرتكبون لهجمات مسلحة وأخصائيو القتل والجهاديين ، كل هؤلاء من بين خصوم حفتر وبينهم مجموعات المافيا من المهربين الذين يعذبون المهاجرين ويستعبدونهم جبراً.
إنهم لا يقاتلون من أجل السراج ولكن من أجل حماية أنشطتهم الإجرامية ، لقد حارب حفتر الإرهاب في بنغازي وفي جنوب ليبيا وكان ذلك في مصلحتنا ومصالح بلدان الساحل وجيران ليبيا ، أنا أؤيد كل ما يعزز أمن الشعب الفرنسي والدول الصديقة لفرنسا.
س – ما هو ردك على أولئك الذين يتهمونك بالإنحياز لجانبه ؟
ج – هذا مُحزن .. لقد دعمت فرنسا بإستمرار حكومة السراج وقدمنا دعماً كبيراً للأمم المتحدة ، وفيما يتعلق بالأمن ألاحظ أن وزير الداخلية فتحي باشا آغا الذي يهاجم فرنسا بانتظام ويدين تدخلها المزعوم في الأزمة يعرف هذا وألاحظ بأنه لا يتردد في قضاء بعضاً من أوقاته في تركيا ، لذلك لا أعرف مكمن التدخل الذي يتحدث عنه .
س – كيف يمكن لفرنسا كسر الجمود ؟
ج – من خلال دعم حل سياسي يسمح بتشكيل حكومة منتخبة تتمتع بشرعية داخلية وخارجية – أي بدعم من الشعب الليبي – ومن ثم بالاعتراف الدولي.
لم تغير فرنسا سياستها منذ أن أخذ الرئيس ماكرون زمام المبادرة في يوليو 2017 للجمع بين الزعيمين الليبيين الرئيسيين ( حفتر + السراج ) في قصر ” لاسيل سان كلو ” ومنذ ذلك الحين تم التأكيد على الحل السياسي من خلال المؤتمر الدولي في الإليزيه في مايو 2018 ، ثم في مؤتمر باليرمو وأخيراً الاتفاقات التي تم التوصل لها في أبوظبي.
لذلك نحن نواصل الآن جهودنا لتأمين وقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي يستند إلى عملية أبو ظبي من خلال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة.